الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا قدرة لمخلوق على أن يمنع فضل الله

السؤال

قال الله تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله). قوله: (حتى يغنيهم الله من فضله) وعد للمستعفف أن الله سيغنيه، وييسر له أمره، وأمر له بانتظار الفرج لأجل أن لا يشق ذلك عليه.
وقال تعالى: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) يونس (107)
هذا من أعظم الأدلة على أن الله وحده المستحق للعبادة، فإنه النافع الضار، المعطي المانع، الذي إذا مس بضر، كفقر ومرض، ونحوها { فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} لأن الخلق لو اجتمعوا على أن ينفعوا بشيء، لم ينفعوا إلا بما كتبه الله، ولو اجتمعوا على أن يضروا أحدا، لم يقدروا على شيء من ضرره، إذا لم يرده الله، ولهذا قال:{وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} أي: لا يقدر أحد من الخلق، أن يرد فضله وإحسانه، كما قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ}. قوله:{يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} أي: يختص برحمته من شاء من خلقه، والله ذو الفضل العظيم، {وَهُوَ الْغَفُورُ} لجميع الزلات، الذي يوفق عبده لأسباب مغفرته، ثم إذا فعلها العبد، غفر الله ذنوبه، كبارها، وصغارها. {الرَّحِيمِ} الذي وسعت رحمته كل شيء، ووصل جوده إلى جميع الموجودات، بحيث لا تستغني عن إحسانه طرفة عين.
فإذا عرف العبد بالدليل القاطع أن الله هو المنفرد بالنعم، وكشف النقم، وإعطاء الحسنات، وكشف السيئات والكربات، وأن أحدًا من الخلق، ليس بيده من هذا شيء إلا ما أجراه الله على يده، جزم بأن الله هو الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل.
هل هذا الوعد للمستعفف داخل في الآية الثانية؟ يعني أن الخلق لو اجتمعوا على أن يمنعوه من الزواج، وهو مستعفف راج وعد الله، فلن ينجحوا، إذا أراد الله له الزواج؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالآية الأولى التي ذكرت فيها وعد لمن يستعفف بترك المحرم، وعدم تعاطي الأسباب التي تؤدي إليه، أن الله تعالى سيغنيه وييسر له أمره، ويرزقه العفاف، ويهيئ له السبل الموصلة إليه.

ولا شك أن هذا الوعد داخل في الآية الثانية، بمعنى أنه لا يمكن لأي مخلوق أن يقف في وجه ما وعد الله تعالى به أحدا من عباده، فوعد الله تعالى حق، وما شاءه كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا راد لما قضى، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني