الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من فِقْه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

السؤال

هل يجب عليَّ أن أبلغ كل علم علمته عن دين الله، وحتى لو فسد الخلق وانحرفوا، ولن تسبب لي مخالطتهم غير الانحراف معهم عن الدين، وأن أصبر على أذاهم؟ ومن هم المعنيون هل قومي فقط، أم كل الناس؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتبليغ العلم هو من قبيل تعليم الجاهل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. فإذا لم يوجد من أهل العلم من يكفي، وكان العلم الذي يحتاجه الجاهل من الواجبات، تعين على من علم حاله أن يعلمه، ولو لم يسأل، وانظر الفتوى:251956.

فيبلغ الناس ما جهلوا من أحكام دينهم، ما لم يخش من ذلك ضررا عليه، ومع ذلك قال تعالى: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان: 17}.

قال السعدي: وذلك يستلزم العلم بالمعروف ليأمر به، والعلم بالمنكر لينهى عنه. والأمر بما لا يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا به، من الرفق والصبر، وقد صرح به في قوله: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ. ومن كونه فاعلا لما يأمر به، كافًّا عما ينهى عنه، فتضمن هذا، تكميل نفسه بفعل الخير وترك الشر، وتكميل غيره بذلك، بأمره ونهيه.

ولما علم أنه لا بد أن يبتلى إذا أمر ونهى، وأن في الأمر والنهي مشقة على النفوس، أمره بالصبر على ذلك فقال: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ. اهـ.

ولا شك أن الأقربين هم الأولى في التوجيه والإرشاد والتعليم، ثم سائر الناس، قدر المستطاع.

فإذا رأيت منكراً أو أمرا لا يجوز من أقاربك أو غيرهم، فليكن نهيك عنه برفق ولين، دون تجريح أو تعنيف للفاعل أو القائل، كما قال الله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {النحل:125}، وانظر الفتوى:212284. لبيان طرق النهي عن المنكرات في الأقارب والأباعد.

وإذا كنت تقصد بقولك (ولن تسبب لي مخالطتهم غير الانحراف معهم عن الدين) أنك لا تأمن أن تنحرف معهم إذا خالطتهم.

فعليك أن تكون على حذر مما قد يجرك إلى الانحراف، فقد ذكر أهل العلم، أن في مخالطة الناس من المصالح والأجور العظيمة ما لا يوجد مثله في العزلة، لكن بشرط السلامة من الفتنة، كما سبق بيانه في الفتوى: 158317.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني