الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيع موقع يحوي مقالات منسوخة من كتب إلكترونية

السؤال

أنا طالب جامعي، وأتحرى الحلال في عملي؛ رغم أن ظروفي العائلية صعبة نوعًا ما.
وأنا أعمل في الإنترنت، وأقوم بتصميم المواقع، وأتعب فيها كثيرًا، لكني أضع فيها مقالات منسوخة من كتب إلكترونية، ولا أعلم إن كانت منشورة على الإنترنت بإذن صاحبها أو لا، فأقوم بنسخ بعض المقالات في موقعي، وهذا الموقع أتعب فيه وأصمّمه، ثم أقوم عن طريق ذلك الموقع بطلب إنشاء حساب في شركة إعلانية إلكترونية، وتلك الشركة لا تقبل ذلك الحساب إلا إذا كان ذلك الموقع مصممًا تصميمًا جيدًا، وشاملًا لجميع التفاصيل، وبه مقالات حصرية.
وبعد أن يقبل الحساب، أقوم ببيعه، وهذا حقي؛ لأنني صاحبه، والشركة لا دخل لها في بيع الحساب، فما حكم المال المكتسب من عملي؟ علمًا أنني أتعب كثيرًا في التصميم، لكن المقالات ليست لي، بل أنسخها من كتب إلكترونية لست مالكها، وأنا أبيع الحساب وحده دون الموقع، والمقالات المنسوخة، لكن لولا المقالات التي لها دخل في قبول الحسابات لما قُبِل الحساب، وما كنت لأبيعه، فلهذه المقالات دخل في قبول الحسابات التي أبيعها - ليس 100% -، فهل مالي حلال أو لا؟ فأنا لا أعتدي على أي حق سوى نسخ تلك المقالات من كتب إلكترونية موجودة في النت، لا أعلم إن كانت منشورة بإذن أو لا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمقالات المنسوخة من الكتب الإلكترونية التي لا يعلم إن كانت منشورة بإذن صاحبها أم لا، يمكن التحري والبحث عنها، فإن عُلم، أو غلب على الظن أن هذه الكتب منشورة بإذن أصحابها، ولا يمانعون من نقلها، فلا حرج في فعل ذلك.

وإذا عُلم أو غلب على الظن خلاف ذلك، فليُعمل بغلبة الظن.

وإذا لم يغلب على الظن شيء، فالأصل جواز النقل، والاقتباس؛ بشرط أن ينسب المقال لصاحبه، طالما أخذ منه دون تعديل، أو إضافة مؤثرة، وراجع في ذلك الفتويين: 9361، 10302.

ولمزيد الفائدة، يمكن الاطلاع على الفتويين: 36701، 137363.

ثم ينبغي مراعاة ما ذكره السائل من أن الشركة لا تقبل عمل الحساب، إلا إذا كان في الموقع مقالات حصرية!

فإن لم يصدق على هذه المقالات أنها حصرية، كما اشترطت الشركة، فلا يجوز مخالفة شرطهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقًا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.

وقول القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.

وأما مسألة بيع الموقع، فلا يحرم، والمال المكتسب منه مباح لصاحبه، حتى ولو تعدى على حقوق أصحاب المقالات المنشورة في موقعه دون إذنهم، ولكن تبقى هذه الحقوق متعلقة بذمته، فإما أن يستسمحهم، وإما أن يرد لهم مقابل حقهم، أو يصالحهم عن ذلك، طالما أنه يعتقد حرمة نسخ المقالات دون إذن أصحابها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني