الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحقيق العدالة الاجتماعية في الإسلام.

السؤال

يقول بعض الجهلة إن العدالة الاجتماعية تتجسد في الإسلام فقط عن طريق الزكاة لا غير ! كيف نرد على هؤلاء؟ (أرجو الإسهاب في الإجابة وبارك الله فيكم) .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشريعة الإسلام هي الشريعة الصالحة لكل زمان ومكان، وهي الكفيلة بتحقيق الرقي والأمن والخير للفرد والمجتمع، وفيها من الأحكام والتوجيهات ما هو جدير بأن يقيم المجتمع المتعاون المتكافل.
ولتحقيق هذا التكافل والتعاون في المجتمع شرع الإسلام ما يلي:
1- الزكاة، وهي مثال لرحمة الغني بأخيه الفقير وحرصه عليه واهتمامه به، وتشكل مصدرًا مهماً لإعالة الفقراء والمساكين وأبناء السبيل وأصحاب الديون على مدار العام، إن وجدت الجهة التي تقوم على جبايتها جباية تامة بحيث لا تترك لأحد فرصة التهرب من أدائها، ولو أدى ذلك إلى استخدام القوة ضده، ثم بعد ذلك تقوم بتوزيعها .
2- الكفارات: وهي مورد رزق كبير للفقراء والمساكين بصفة خاصة، مثل كفارة الظهار، واليمين، والفطر في نهار رمضان عمداً، وكفارة ترك الصيام في حال الكبر، أو المرض الذي لا يرجى برؤه، وكفدية ارتكاب المحظور في الحج، وفدية ترك الواجب، وغير ذلك.
3- مال الغنيمة والفيء، فللفقراء والمساكين حظ منه، كما قال تعالى (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خُمُسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) [الأنفال:41]
وقال تعالى (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دُولة بين الأغنياء منكم) [الحشر:7].
4- حث الإسلام على رعاية الأرملة وكفالة اليتيم ووعد بالثواب العظيم على ذلك .
5- حث الإسلام على صلة الرحم وتوعد قاطعها بالعذاب العظيم.
6- حث الإسلام على الإحسان إلى الجار، وإكرام الضيف وإعانة المحتاج، وفي ذلك نصوص من الكتاب والسنة لا تخفى .
7- دعوة الإسلام إلى القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة وفي ذلك سلامة المجتمع ونجاته، كما يتجلى فيه حرص المسلم على إخوانه ورغبته في هدايتهم وصلاحهم.
8- شرع الإسلام جملة من الآداب التي تحقق الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع، كأدب السلام والاستئذان وغض البصر، وتوقير الكبير والعطف على الصغير، ومكافأة المحسن.
9- دعا الإسلام إلى بر الوالدين ورعايتهما لا سيما في حال الكبر، كما أوصى بالأبناء والبنات وفي ذلك حفظ للأسرة ووقاية لها من الانهيار.
10- أوجب الإسلام على قبيلة المرء وعشيرته الوقوف معه عند حلول بعض الأزمات كارتكاب القتل الخطأ، فإن الدية على عاقلته، وفي ذلك من الرحمة والإحسان ما لا يخفى على أحد.
11- ومع هذا كله فإذا حصلت ظروف طارئة تعجز البنود السابقة عن الوفاء بمتطلباتها الضرورية أو الحاجية، فقد نص العلماء على أنه يمنع على المسلم أن يمسك عن أخيه فضل ما هو محتاج إليه في إنقاذ نفسه أو ماله من خطر محقق أو غالب على الظن. وبالجملة فإن من تأمل الشريعة وأحكامها وجد فيها من صور تحقيق العدالة الاجتماعية مالا يكاد يخطر على بال كثير ممنَّ نصبوا أنفسهم دعاة إلى العدالة الاجتماعية . والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني