الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخيير المرأة زوجها بين تطليقها أو تطليق ضرتها

السؤال

تزوجت زوجة ثانية، وزوجتي الأولى تخيرني بين طلاق الثانية، أو طلاقها وخراب البيت، خصوصًا أن لديّ طفلان من الزوجة الأولى، وقد تركت المنزل، وتركت لي الأطفال، ولا أريد طلاقها؛ حتى لا أخسر أولادي، فيعيشوا بعيدًا عن أمّهم، أو والدهم، ولا أرغب في طلاق الثانية.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لزوجتك الأولى أن تخيرك بين طلاقها، أو طلاق ضرتها؛ إذ يحرم عليها شرعًا أن تطلب منك طلاق زوجتك الثانية، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: .. لا يحل لامرأة أن تسأل طلاق أختها؛ لتستفرغ صحفتها ولتنكح، فإنما لها ما قدر لها. رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري. وفي رواية للبخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تشترط المرأة طلاق أختها. وقد بوّب له البخاري بقوله: باب ما لا يجوز من الشروط في النكاح.

كما يحرم عليها أن تطلب طلاق نفسها؛ لغير مسوّغ يلجئ إلى ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أحمد. قال السندي: أَيْ: فِي غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ مِنَ الْأَذَى مَا تُعْذَرُ فِي سُؤَالِ الطَّلَاقِ مَعَهَا. انتهى.

وزواج الرجل على امرأته، ليس من الضرر المعتبر الذي تستحق من أجله التطليق، قال الدردير: ولها ـ أي: للزوجة ـ التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعًا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها ... لا بمنعها من حمام، وفرجة، وتأديبها على ترك صلاة، أو تسر، أو تزوج عليها. انتهى.

لكن إن كانت المرأة تتأذى بزواج زوجها عليها، فلا حرج عليها في طلب الطلاق، ولا يلزم الزوج إجابتها إلى الطلاق، ويجوز له أن يمتنع من طلاقها؛ حتى تسقط له بعض حقوقها.

والذي ننصحك به أن تحاول استرضاء زوجتك الأولى قدر جهدك، بكل ما ليس فيه ظلم للثانية، كأن تعدها بتحقيق بعض رغباتها، وتبين لها أنك ما فعلت إلا ما أباحته الشريعة لك، فلعل إحسانك إليها، وتلطفك بها، يكون سببًا في تغيير موقفها، مع تمسكك بزوجتك الثانية، ما دمت راضيًا عن دينها، وخلقها، ومعاشرتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني