الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سكن المطلق مع مطلقته في بيت واحد بين الجواز وعدمه

السؤال

والدي طلق أمي بالثلاث، وهو مصمم على أن يقيم معها في بيت واحد، بحجة أنه في حالة ضرورة، مع العلم أني لا أراه في حالة ضرورة. وقد عرضت عليه أن يستأجر شقة، وأن أقوم بتحمل كل التكاليف المادية الخاصة بها، ولكنه رفض بحجة أنه يحتاج لأولاده ولا يمكنه العيش بدونهم. فهل يجوز له أن يقيم معها في بيت واحد أم لا؟ (مع العلم أن البيت الحالي لنا هو شقة وليست منفصلة المرافق)؟
وإذا كانت الإجابة بلا. هل يجوز لي أن أقطع عنه النفقة بحجة الضغط عليه من أجل أن يقبل، وينصاع لعرضي، ويستأجر شقة منفصلة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كانت الشقة المذكورة يمكن أن يكون لكل واحد من المطلق ومطلقته غرفة منها، ومرافق مستقلة لكل واحد منهما، فلا بأس بسكناهما معا في بيت واحد.

أما إذا لم تكن المرافق منفصلة، كالحمام والممرات والمدخل والمخرج، فإنه لا يجوز لهذا المطلق السكن فيها مع مطلقته البائن.

قال في الموسوعة الفقهية: لو كانت دار المطلق متسعة لهما، وأمكنها السكنى في غرفة منفردة، وبينهما باب مغلق أي بمرافقها، وسكن الزوج في الباقي؛ جاز. فإن لم يكن بينهما باب مغلق، ووجد معها محرم تتحفظ به جاز، وإلا لم يجز. انتهى.

وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية: فإذا سكنت المرأة مع أجنبي في حجرتين، أو في علو وسفل، أو دار وحجرة، اشترط أن لا يتحدا في مرفق كمطبخ أو خلاء، أو بئر أو سطح أو مصعد، فإن اتحدا في واحد مما ذكر حرمت المساكنة؛ لأنها حينئذ مظنة الخلوة المحرمة، وكذا إن اختلفا في الكل ولم يغلق ما بينهما من باب أو يسدا، أو أغلق لكن ممر أحدهما على الآخر، أو باب مسكن أحدهما في مسكن الآخر. انتهى.

وعليه؛ فينظر من هو مالك الشقة منهما، فإن كانت الشقة ملكا للمطلق، فلا يجوز أن يقال له اخرج من بيتك ودعه لمطلقتك وأولادها، إذ المطلقة البائن لا يجب على مطلقها سكناها البتة.

وبالتالي، فالواجب عليها أن تؤمن لنفسها سكنا مستقلا عن سكن مطلقها، وتترك الشقة لمالكها وأولاده.

فإن كانت فقيرة وجب تحمل سكناها على الموسر من أولادها. وكذلك الحال إن كانت هي المالكة للشقة، فما دامت مرافقها مشتركة فعلى المطلق أن يؤمن لنفسه سكنا مستقلا، أو يؤمنه له أولاده.

أما قطعك للنفقة عنه إن كان محتاجا لها بحجة الضغط عليه أن ينصاع لعَرْضك، فإنه لا يجوز لك أن تفعله، فإن الله تعالى أوجب عليك بره والإحسان إليه وخفض الجناح له حتى لو كان كافرا، ولم يكلفك الله بتأديبه أو تقويمه في سلوكه، لكن ينبغي أن تتلطف له بالنصيحة والمودة والشفقة شيئا فشيئا حتى ينصاع لما هو أسلم له وأنجى في دينه ودنياه. كما يمكنك أن تترك الأمر بينه وبين والدتك، على أن تقنعها أن تضغط هي عليه وترفض أن يقيما معا في هذه الشقة التي مرافقها مشتركة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني