الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحريم طلب الطلاق دون سبب مشروع

السؤال

أعمل ببلد عربي، والحمد لله أحفظ الله في عرضي. وتعرضت لأمر وهو: طلبت مني سيدة بأحد المواقع التي أشارك فيها، ولي سمعة طيبة فيها، مساعدة في أمر يخصها. فطلبت منها أن يكون ذلك من خلال الموقع؛ فاحتجت بأن الأمر خاص، ولا بد من المحادثة عن طريق الواتساب أو التيليجرام. ترددت في البداية، ثم وافقت؛ لأني أرى مشاركاتها طيبة؛ فاطمأننت للأمر وقبلت. وبدأت بالحديث عن مشكلة طلاقها، ثم خطبتها لآخر من مشاركي الموقع، ولكن خطيبها هذا يبتزها مالياً، وطلبت مساعدتها في استرداد مالها. تواصلت مع صاحب الموقع لأني عرفه؛ فنصحني بالابتعاد عن تلك الأمور، فعملت بنصيحته، وطلبت منها أن أنسحب؛ لأني لن أستطيع المساعدة؛ فشكرتني وقالت: هذا ليس الموضوع الذي أريد مساعدتك فيه، وهناك موضوع آخر، ولكن أريد أن أطمئن لك بشكل كاف لأحكيه، فقلت لها الأفضل أن تقومي باستشارة أقارب لك، فهم الأدرى بك والأعلم بما يناسبك من حلول لأي مشكلة، وسيكونون أكثر إخلاصاً. بكت، وقالت: ليس لي من أستشيره، وتوسمت فيك الخير من مشاركاتك في الموقع وأثق في رأيك. ومع الإلحاح وافقت، فبدأت تتكلم عن حياتها وأنا أسأل أين المشكلة التي تريدين مساعدتي فيها؟ تقول: لا بد وأن تلم بكل جوانب مشكلتي حتى تستطيع المساعدة؛ لأني سأنفذ ما تقوله لي. المهم بقيت تتحدث وتحكي واستمرت لأكثر من أسبوعين، كلما سنحت الفرصة للكلام ترسل لي ويعلم الله أني ما راسلتها قط، بل هي دائما من يبدأ ويسترسل في الكلام. ومن طبيعة كلامها بدأت أشك في أمرها خاصة لما بدأت تتكلم في أمور خاصة لا تصح، فطلبت منها ألا تتكلم في مثل تلك الأمور، فتبكي وتقول إن نيتها سليمة؛ لأنها تحدثني لأنها تعرف أني طبيب. ومع شكي طلبت الانسحاب من الكلام معها، فبكت ثانية وطلبت ألا أتخلى عنها، فبدأت أتخوف منها؛ لأني لا أعرف لماذا كلمتني ولا هدفها من الكلام؟ فكنت أحاول الانسحاب بشكل غير مباشر بألا أرد في بعض الأحيان، وأن أرد بغلظة في أحيان أخرى. وشاءت الظروف أن أعود لبلدي في إجازتي السنوية, وتصفحت زوجتي هاتفي ووجدت بعض الرسائل، وفيها ما ذكرت من أمور خاصة. وحدث خلاف كبير أنا أبرر وأريها ردودي وهي لا تصدق، فتحدثت للسيدة وسألتها مباشرة: هل زوجي طلب أن تريه جسدك؟ كذبت وقالت نعم، ولكني رفضت.
وزوجتي تريد الطلاق مبررة طلبها بأن هذا زنا؛ لأنها خلوة ولو مراسلة، وتتحدث عني بشكل سيء أمام أطفالي، وحياتي أصبحت جحيما: صراخ وفضائح بين الجيران، ولا أعلم ماذا أفعل وهل هذا الحديث العادي زنا ولعنة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن المقرر شرعا أن الأصل في المسلم السلامة، فلا يجوز أن يتهم بالسوء من غير بينة، وقد نهى الله تعالى عن سوء الظن، فقال في محكم كتابه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث.

ولا يكفي ما ذكرته هذه المرأة لزوجتك دلالة على ثبوت هذا الفعل.

وليس مجرد الحديث معها نوعا من الزنا، وعلى تقدير أنك طلبت منها أن تريك جسدها، وقامت بذلك بالفعل، فليس هذا بالزنا الذي يذكره الفقهاء عند الإطلاق، أي الزنا الحقيقي الموجب للحد، والذي يقتضي فسق صاحبه، بل هو من وسائل الزنا، وإن سمي زنا، فهذه تسمية مجازية. ولمزيد الفائدة يمكنك مطالعة الفتوى: 96737.

والأصل حرمة طلب المرأة الطلاق إلا لسبب مشروع، ولمعرفة مسوغات طلب الطلاق، نرجو مراجعة الفتوى: 37112.

ولست ملزما إلى إجابتها إلى ما طلبت، فأمسكها وأحسن عشرتها.

فإن حدث منها ما يقتضي النشوز، فاعمل على علاجها بالطرق المشروعة، وانظر الفتوى: 138832، ففيها بيان ما يثبت به النشوز وسبل علاجه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني