الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

على الولد أن يصبر على أذى والديه وقسوة تعاملهما

السؤال

جزاكم الله خيرًا على هذه الصفحة القيمة.
سؤالي هو: والدتي بسبب المرض أصبحت لا تسمع، وهذا أثّر على حالتها النفسية كثيرًا، فأصبحت كثيرة الغضب، وتغضب مني لأتفه الأسباب، وأنا أحاول دائمًا إرضاءها؛ لأني أخاف الله، وأطلب مرضاة والدي عني، حتى إني أطلب من الله في صلاتي رضاهما عليّ، وأن يرحمها في الدنيا، وكلما تصدقت أشركها في الصدقة معي، ولكن رغم هذا فإنها ولأتفه الأسباب تقاطعني، ولا تتكلم معي أيامًا، وأنا لا أحبّ أن تعاملنا هكذا؛ لأني أخاف غضب الله عليّ، فهل أنا مذنبة في ذلك، أم أتركها حتى ترضى عني؛ لأني أسعى إلى برّها، ومرضاتها؟ جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنصيحتنا لك أن تصبري على أذى أمّك، وتخضعي لها كيفما كانت المعاملة التي تصدر منها، فإنها قد حملتك في بطنها تسعة أشهر، وأرضعتك حولين كاملين، وسهرت لسهرك، وتألمت لتألمك، وكانت تسعى ليل نهار في مصالحك، في زمن لم تكوني قادرة على رفع الضر عن نفسك.

فقدري ظروفها الصحية التي ألمّت بها، وأليني لها الجانب، ولا ترفعي صوتك في مخاطبتها، إلا بالقدر الذي تسمعينها كلامك، فقد أمرك الله بالإحسان إليها، وعدم التأفف منها، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}.

وإن هي قاطعتك من غير جرم اقترفته في حقها، فلست مذنبة بسبب ذلك، لكن لا تبادليها القطيعة، واسعي في مصالحها، وإصلاح شؤونها، وتجلدي بالصبر.

واعلمي أن أجرك في تحمل أذى أمّك يتضاعف كلما كانت أشد وأقسى في معاملتك، فلا تحزني، ولا ينفد صبرك، وتعزي بما يدخر لك من الأجر الوافر عند الله تعالى، وأن الدنيا فانية بما فيها، ومن فيها، والآخرة باقية، قال تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى {الأعلى: 16-17}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني