الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يفعله من اقتدى بإمام يبدل حرف الذال بالزاي

السؤال

هناك أحد العاملين في المسجد الذي يجاور بيتي أحيانًا ما يؤم الناس في الصلاة في بعض الصلوات، وهو ينطق حرف الذال زايًا، وحرف الثاء سينًا، وحرف الظاء دون إخراج لسانه، وأنا واثق من ذلك. وحينما نبهته لذلك بادرني بالقول بأنه يعلم أن قراءته ليست جيدة. وقد قمت بتنبيه خطيب وإمام المسجد عن الأمر، فشكرني، ولا أعلم ما قام بفعله بعد ذلك، إلا أنني علمت أن ذلك الشخص لا يزال يؤم المصلين في بعض الصلوات، ولكني لا أعلم هل أصلح قراءته أم لا. وبالتالي فخوفاً من بطلان صلاتي وراءه؛ فقد امتنعت عن الصلاة في ذلك المسجد، وأصلي في البيت بمفردي، ما عدا صلاة الفجر فأصليها في المسجد؛ لأن ذلك الشخص لا يؤم الناس فيها أبدًا، علمًا بأن أقرب مسجد بخلاف ذلك المسجد يبعد عني مسافة لا أعلم هل تسمح لي بسماع الأذان الخاص به إذا لم يستخدم مكبر الصوت أم لا (ربما أتمكن من سماع صوت المؤذن من ذلك المسجد الأبعد في أذان الفجر فقط إذا لم يستخدم مكبر الصوت بسبب سكون حركة الناس، أما في باقي الصلوات فلا أعلم). سؤالي هو: ماذا أفعل إذا دخلت المسجد لأصلي الفريضة، وعند الإقامة وجدت ذلك الشخص يستعد ليصلي بالناس إماما؟ هل أنصرف؟ أم أدخل الصلاة وراءه وأصلي في الصف، ولكن بنية المنفرد، وأتابعه في الحركات فقط؟ أم هل أصلي كل الصلوات – باستثناء صلاة الفجر – في المسجد الأبعد؟ وفي حالة أداء الصلوات في المسجد الأبعد هل يظل حكم أداء الصلاة جماعة واجبًا في حقي في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولاً أن اللحن المؤثر على صحة الصلاة هو ما يكون في الفاتحة لا في غيرها من السور، وأنت تعلم أن الفاتحة ليس فيها حرف الظاء ولا حرف الثاء، فإذا كان الإمام المشار إليه لا ينطقهما بشكل صحيح، أو يبدلهما بحرف آخر، فينبغي استبداله بغيره، ولكن لا تبطل صلاته، ولا صلاة من خلفه.
وأما إبدال حرف الذال بالزاي، فقد ذكرنا لك في الفتوى التي أحلناك إليها أن هذا مؤثر، ولا يصح اقتداء من يحسن القراءة بهذا الإمام، وأن بعض متأخري علماء الأحناف ذهب إلى صحة الصلاة خلف من يبدل الذال زايا، ونحو ذلك لأنه مما تعم به البلوى.
وأما ماذا تفعل إذا دخلت المسجد لتصلي الفريضة، وعند الإقامة وجدت ذلك الشخص يستعد ليصلي بالناس إماما؟ فيمكنك أن تصلي خلفه بنية الانفراد، وتوافقه في الظاهر فقط، وقد نص بعض الفقهاء على جواز هذا الفعل في مثل هذه الصورة.

قال الزرقاني في شرح مختصر خليل في معرض كلامه على صور الاقتداء بالإمام:
ثانيهما أن يتابعه في أفعاله لا على أن يحمل عنه ما ذكر، ويأتي في صلاته بما تتوقف صحتها عليه، فهو إنما يتابعه صورة لا حقيقة، وهذه لا يشترط فيها نية الاقتداء، وصلاته صحيحة بدونها، وإنما يحصل ذلك غالبًا ممن يعلم قادحًا في صلاة الإمام، ويخشى ضررًا بصلاته منفردًا عنه. اهــ.

وأما عن صلاتك في البيت منفردا، وهل تلزمك الصلاة في المسجد البعيد؟ فإن صلاة الجماعة عند القائلين بوجوبها في المسجد إنما يوجبونها على من سمع النداء، فإن شككت هل يمكنك سماع النداء أم لا، فالأصل براءة ذمتك، وعدم وجوبها عليك في المسجد، ثم إن جمهور الموجبين لصلاة الجماعة لا يوجبونها في المسجد، وتتحقق الجماعة عندهم في أي مكان، فإذا صليت في البيت، فاحرص على صلاتها جماعة مع أهلك. وانظر الفتوى: 395443.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني