الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لبس العباءة والبشت فوق الإحرام

السؤال

هل ألبس عباءة فوق الإحرام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يبين السائل مراده من لبس العباءة فوق الإحرام.

وعلى كل حال؛ فإذا كان يقصد لبس الرجل المحرم العباءة فوق ثياب إحرامه، فقد اختلف في لبس المحرم العباءة، وما كان مثلها، كالقباء، والبشت على قولين:

فمذهب أبي حنيفة، وأحمد، يجوز ذلك للمحرم، إن طرحها على كتفيه، ولم يدخل يديه في الكمين.

والقول الثاني: أن من لبسها، فعليه الفدية، وإن لم يدخل يديه في كميه، وهو مذهب مالك، والشافعي، قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ طَرَحَ عَلَى كَتِفَيْهِ الْقَبَاءَ، وَالدُّوَاجَ، فَلَا يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي الْكُمَّيْنِ). ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ إبَاحَةُ لُبْسِ الْقَبَاءِ، مَا لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ: إذَا أَدْخَلَ كَتِفَيْهِ فِي الْقَبَاءِ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَخِيطٌ لَبِسَهُ الْمُحْرِمُ عَلَى الْعَادَةِ فِي لُبْسِهِ، فَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ إذَا كَانَ عَامِدًا، كَالْقَمِيصِ. وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْأَقْبِيَةِ. وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فِي مَسْأَلَةِ إنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا لَبِسَ السَّرَاوِيلَ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ. وَلِأَنَّ الْقَبَاءَ لَا يُحِيطُ بِالْبَدَنِ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ بِوَضْعِهِ عَلَى كَتِفَيْهِ، إذَا لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ، كَالْقَمِيصِ يَتَّشِحُ بِهِ، وَقِيَاسُهُمْ مَنْقُوضٌ بِالرِّدَاءِ الْمُوَصَّلِ، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى لُبْسِهِ مَعَ إدْخَالِ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ. انتهى.

والذي نراه أن من احتاج إلى لبسه فوق الإحرام لشدة البرد مثلًا، فلا مانع من ذلك، على ألا يدخل يده في كميه.

وإن لم تكن له حاجة، فلا داعي لذلك.

ولا شك أن ترك لبسه هو الأحوط على كل حال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني