الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخذ المرأة من مال زوجها المبذر دون علمه للادّخار

السؤال

أودّ أن أشرح لكم مشكلتي، وأرجو أن يتسع صدركم لسماعها، وبعد ذلك أفتوني في أمري.
أنا متزوجة، وأمّ لأربعة أطفال، أكبرهم في الثانوية العامة، وأصغرهم لا يزال في عامه الأول، وزوجي يعمل مقاولًا، وحياتنا جيدة، وفي الآونة الأخيرة تكاثرت على زوجي الديون، وقد وصلت إلى حدّ كبير بحيث لا يسدّها إلا الله، ومع ذلك فإن زوجي يسرف بطريقة مبالغ فيها، حيث إنه قد يشتري القميص بعشرة آلاف جنيه، ويشتري الحذاء والعطور بمبالغ تنفق على أسرة كاملة مدة شهر، ولا يحسب حسابًا لشيء، ويقترض -لا أعلم من أين؟- ويسدد جزءًا من دِينه، وينفق الباقي في رغباته -أيًّا كانت لا أعلم-، والذي أعلمه أنه يصرف أموالًا كثيرة في أشياء قد تكون تافهة، في حين أنه مطالب بديون كبيرة، وبعضهم قد رفع عليه قضايا في المحاكم، وهو لا يلقي لهم بالًا.
وقد نصحته، وهجرته أكثر من مرة، لكن دون جدوى، وخفت كثيرًا من أنه إن أصابه مكروه -لا قدّر الله-، أو دخل إلى السجن، فمن سيكون لنا من بعده إلا الله، وأنا أمّ لأربعة أطفال، كما ذكرت.
ومن هذا المنطلق فقد اتخذت خطوة -ولا أدري إن كانت حلالًا أم حرامًا-، وهي أن آخذ من النقود التي ينفق منها، وأدّخرها دون علمه، بهدف أنه إن قدر الله وحصل معه خطب ما، فستكون لنا سترًا، وحاجزًا بيننا وبين الحاجة، مع أنه ينفق علينا، ولكن ما ننفقه لا يقارن بما ينفقه، ولو جزءًا في المائة.
أعلم أن ما أقوم به من الناحية الإنسانية صحيح؛ لأني أخاف على نفسي وأولادي من الحاجة، فأنا لا أعمل، ولا أحد من أطفالي، ولا أعلم الحكم الشرعي، فهل ما أقوم به مباح أم لا؟ وهل هذا المال الذي أنفقته على أولادي حلال أم لا؟ وقد فعلت ذلك على أن الضرورات تبيح المحظورات، وبعدها تذكرت قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). أفتوني في أمري، وعذرًا على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل أنّ الزوجة مؤتمنة على مال زوجها، ومسؤولة عنه.

ولا يجوز لها التصرف في شيء منه بغير إذنه، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها. متفق عليه.

وعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... لَا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا، إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. رواه أحمد.

فإذا كان زوجك ينفق عليك وعلى أولاده بالمعروف؛ فليس لك الحقّ في أخذ شيء من ماله للادّخار، أو غيره دون إذنه، وما أخذتِه منه يجب عليك ردّه إليه، أو استحلاله منه.

وعليك أن تنصحي زوجك، وتبيني له تحريم الإسراف، وخطر الاستدانة دون حاجة معتبرة، فقد تكون الاستدانة محرمة، إذا كان الدائن لا يقدر على الوفاء، جاء في حاشية الجمل على شرح المنهج: وأما الاقتراض والاستدانة، فيحرم على غير مضطر لم يرج الوفاء من جهة ظاهرة فورًا في الحال، وعند الحلول في المؤجل، ما لم يعلم المقرض بحاله. انتهى.

وفي حكم التبذير والإسراف، راجعي الفتويين: 49127، 12649.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني