الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هناك موقع وسيط، يقول العميل إنه يريد تصميم موقع، ويضع مبلغ التصميم، ويطلب ما يريد.
ويقوم المصممون، وأي شخص يريد القيام بالتصميم، وإرسال التصميم عبر الموقع للعميل، ويختار العميل التصميم الذي يعجبه كفائز.
وبالطبع يمكنه طلب تعديلات الخ، أو اختيار أكثر من فائز، ويتم إعطاؤه -حسب علمي- نفس المبلغ المتفق عليه، مع العلم أن الموقع له نسبة خصم عمولة، فيمكن أن يختلف المبلغ بسبب اختلاف نسبة العمولة، فكل مصمم له درجة، وكلما تحسنت درجته قلت العمولة.
فما حكم المال المكتسب من الفوز؟
وهناك أيضا في بعض الأحيان: كل من يختاره العميل ليتأهل للمستوى الأخير، يكون هناك مبلغ معروف أيضا يقسم عليهم بالتساوي، مع اختلاف نسبة العمولة: شخص عمولته 10% وشخص 15% وهكذا. فما حكم ذلك؟
وأيضا العميل يحدد هل المبلغ مضمون أم لا، والفرق أن المضمون سيختار فيه فائزا أو أكثر، أي أنه يضمن دفع المال. وإذا لم يعجبه شيء يوزع المبلغ على كل المصممين الذين شاركوا بالتساوي مع اختلاف العمولة.
وأما لو كان المبلغ غير مضمون، أي لو أعجبه تصميم يدفع، ولو لم يعجبه لا يدفع لأي أحد، أو حتى لو هناك سبب آخر لا يريد فيه الدفع لا يدفع، ولا يقسم المبلغ على أحد، ويبقى معه لو لم يأخذه الموقع، أو يعاد له لو أخذه.
فما حكم المشاركة في منافسة مضمونة؟ وما حكم المشاركة في غير المضمونة؟
وشكرا، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأصل هذه المعاملة يمكن أن يُكَيَّف على أنه عقد جعالة، حيث يجعل العميل لمن يتم اختيار تصميمه جعلا معلوما. والجعالة تصح مع غير معين.

قال ابن قدامة في المغني: يفارق -يعني عقد الجعالة- الإجارة، في أنه عقد جائز، وهي لازمة، وأنه لا يعتبر العلم بالمدة ولا بمقدار العمل، ولا يعتبر وقوع العقد مع واحد معين. اهـ.
وقال أيضا: الفرق بينهما من وجوه.

أحدها: أن الجعالة يحتمل فيها الغرر، وتجوز مع جهالة العمل والمدة، بخلاف الإجارة.

الثاني: أن الجعالة عقد جائز، فلا يلزمه بالدخول فيها مع الغرر ضرر، بخلاف الإجارة، فإنها عقد لازم، فإذا دخل فيها مع الغرر، لزمه ذلك. اهـ.
وإذا كانت هذه المعاملة من باب الجعالة، فإنه يشترط لصحتها العلم بالعوض.

قال ابن قدامة: الجعالة تساوي الإجارة في اعتبار العلم بالعوض. اهـ.
فإذا كانت العمولة التي يستقطعها الموقع معلومة لكل مصمم، بحيث يكون عالما بقدر المال الذي سيحصل عليه في النهاية، فالعلم حاصل بقدر الجعل.
وكذلك الحال إذا دخل المصممون هذه المعاملة، وهم على علم مسبق بكون المبلغ سيقسم على المشاركين جميعا، أو كون العميل سيختار تصميما واحدا يحصل صاحبه على كامل المبلغ، فلا حرج في ذلك.

قال ابن قدامة: إذا قال لعشرة: من سبق منكم فله عشرة. صح. فإن جاءوا معا، فلا شيء لهم؛ لأنه لم يوجد الشرط الذي يستحق به الجعل في واحد منهم. وإن سبقهم واحد، فله العشرة؛ لوجود الشرط فيه. وإن سبق اثنان، فلهما العشرة. وإن سبق تسعة، وتأخر واحد، فالعشرة للتسعة؛ لأن الشرط وجد فيهم، فكان الجعل بينهم، كما لو قال: من رد عبدي الآبق فله عشرة. فرده تسعة. اهـ.
ويبقى إشكال واحد في حال المبلغ غير المضمون، وهو إذا تراجع العميل لسبب غير متعلق بجودة التصاميم ووفائها بغرضه، فإنه لا يحق له الرجوع بعد إتمام المصممين للعمل واستحقاقهم للجعل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني