الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الرجوع في العاريَّة

السؤال

لي ابن يكبر ابن أختي، فأعطيت ملابس ابني وقت صغره لابن أختي؛ لتستفيد منها وترجعها. ولكني أقدمت على هذا العمل بدون استشارة زوجي فيما يمكنني إعطاؤه، وفيما لا يمكنني إعطاؤه.
زوجي تضايق؛ لأن أختي وزوجها لا يقدِّرون المعروف، والأهم أنهم ينظرون إلينا بعين الحسد. رغم أنهم بحالة مادية أفضل منا. وهناك الكثير ممن هم أولى لنعطيهم إن كنا نريد الصدقة.
ماذا يمكنني فعله بهذه الحالة؟ زوجي قال لي: لا بأس، ولكن تبقى بالنفس؛ لأنها أشياء كثيرة بحالة ممتازة، وهم لا يقدِّرون، وينظرون حسدا. وأيضا بعد أن أوضح لي زوجي، أصبحت غير راضية جدا ومتضايقة.
هل الرجوع عن هذا يعتبر رجوعا عن هبة، أعطيتها لتستفيد منها، وترجع الملابس.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل ألا تتصرفي في ملابس ولدك بالهبة أو الإعارة دون إذن زوجك، لكن ما دام زوجك قد علم وقال لك: لا بأس بتصرفك؛ فلا حرج إذًا، وراجعي الفتوى: 63868.

وما دمت قد أعطيت لهم الملابس على أن يرجعوها بعد الانتفاع بها؛ فهذه ليست هبة، ولكنها عاريّة، والرجوع في العاريّة جائز عند الجمهور، خلافًا للمالكية.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وللمعير الرجوع في العارية أي وقت شاء، سواء كانت مطلقة أو مؤقتة، ما لم يأذن في شغله بشيء يتضرر بالرجوع فيه. وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك إن كانت مؤقتة، فليس له الرجوع قبل الوقت، وإن لم تؤقت له مدة، لزمه تركه مدة ينتفع بها في مثلها؛ لأن المعير قد ملكه المنفعة في مدة، وصارت العين في يده بعقد مباح، فلم يملك الرجوع فيها بغير اختيار المالك. انتهى.

فعلى قول الجمهور يجوز الرجوع في الإعارة، لكن الذي ننصح به عدم الرجوع في العارية، إبقاء للمودة، وقطعًا لطريق الشيطان في الإفساد بين الناس والنزغ بينهم. ولو فرض أنّ هؤلاء الناس يحسدونكم؛ فالإحسان إليهم علاج للحسد.

قال الغزالي -رحمه الله- في إحياء علوم الدين : .. بل المجاملة تكلفًا كانت أو طبعًا، تكسر سورة العداوة من الجانبين، وتقل مرغوبها وتعود القلوب التَّآلُفِ وَالتَّحَابِّ. وَبِذَلِكَ تَسْتَرِيحُ الْقُلُوبُ مِنْ أَلَمِ الْحَسَدِ وَغَمِّ التَّبَاغُض. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني