الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في شركة لاستيراد التبغ والسجائر

السؤال

أعمل في مجال الكمبيوتر منذ ثلاث سنوات، ولكن الأجر الحالي لا يكفي لاحتياجاتي. وتراكمت الديون علي، رغم أنني لست متزوجا، أو مرتبطا.
ورغم أن سني تجاوز 27 سنة، إلا أني أساعد في المنزل؛ لوفاة والدي. وأنا كبير إخوتي، ولدي أخ صغير في طور التعليم الإعدادي، ويحتاج مصاريف كثيرة في فترة الدراسة، ولا أستطيع التفكير في الزواج، رغم سني؛ لعدم توفر المال اللازم له.
عرضت عليَّ وظيفة في شركة استيراد سجائر وتبغ، براتب مناسب جدا، لسد ما عليَّ من مال، وتقنين ظروفي. حيث إني أعمل بدون أي شهادة في مجالي؛ لارتفاع تكاليفها. وستساعدني في التقدم لشهادات تفيدني في المستقبل -بإذن الله- للتقدم لوظيفة براتب محترم؛ لأن مجال عملي يعتمد عليها في التسكين في وظائف جيدة ذات راتب عالي.
فهل يجوز العمل فيها مؤقتا لسد ما عليَّ من ديون، والاستفادة بالراتب المرتفع منها في أخذ شهادات في مجالي، ومن ثَمَّ التقدم في أي شركة أخرى، ولكن براتب معقول، يسد ما يتكفل بمعيشتي، ومساعدتي فيما بعد بعون الله، دون اللجوء للديون، وحفظ ماء الوجه.
عفوا على الإطالة، ويرجى الرد عليَّ في أسرع وقت.
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز العمل في شركات بيع المحرمات -كالتبغ والسجائر- فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله -عز وجل- إذا حرم أكل شيء، حرم ثمنه. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني.

وقال الشيخ ابن عثيمين: كل حرام فأخذ العوض عنه حرام، سواء ببيع، أو بإجارة، أو غير ذلك. اهـ.

وأما ما ذكره السائل من ظروفه الخاصة، فهي وإن كانت شديدة، إلا إنها لا تصل إلى حد الضرورة التي تبيح أكل الحرام. ولذلك نوصيه بتقوى الله تعالى، وحسن الظن به، وصدق التوكل عليه، واللجوء إليه، وكثرة الدعاء والإلحاح في المسألة، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، قال تعالى: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {العنكبوت:17}، وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2، 3}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، اتقوا الله وأجملوا في الطلب؛ فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.

وهنا نذكر السائل بأن من ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله تبارك وتعالى، إلا آتاك الله خيرا منه. رواه أحمد، وصححه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني