الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مؤانسة الأب بالحديث معه من البر

السؤال

أنا وأبي لا نتكلم كثيرا في البيت، إلا إذا طلب مني شيئا؛ كأن أجلب إليه كأس ماء، أو أن يسألني عن أشياء البيت فقط، لا أجلس معه طول اليوم، وأتحدث معه. أنا أجلس وحيدة، أنا بطبعي قليلة الكلام مع الناس، وأحب الاعتزال والجلوس وحيدة. وهذا أثر عليَّ في علاقتي مع أبي، لا أكلمه حتى إذا أردت شيئا منه إلا قليلا. أنا طبعي هكذا. فهل يعتبر هذا من العقوق؟ لا أريد أن يكون عدم الجلوس مع أبي، والتحدث معه من العقوق.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان أبوك لا يتأذى بتقليلك الكلام معه، فليس ذلك من العقوق؛ لأن العلماء قد ضبطوا العقوق بأنه يحصل ولو باليسير من الأذى، وانظري الفتوى: 73463، والفتوى: 73485.

فإذا انتفى الأذى انتفى العقوق. ولكن نصيحتنا لك أن تتكلفي مؤانسته، ومحاولة إدخال السرور عليه؛ لأن هذا من البر، ومن أسباب نيل رضا الله عز وجل ومحبته. ولأنه لو قدر أن حصل فراق يوما ما كانت الندامة، وتمنى المرء أن لو كسب كل لحظة في الحديث مع الوالد والأنس معه.

وإن كنت معتادة على العزلة، وطبعت على ذلك، فإن هذا يمكن تغييره بالتكلف والمجاهدة حتى تكون المخالطة سجية، فالأخلاق تكتسب، ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر. وفي الحديث الذي رواه الطبراني أن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، مَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ. وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني