الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا فسخت المرأة الخطبة، فهل يلزمها إرجاع المال أم المشتريات؟

السؤال

أنا من تونس، وقد خطبت فتاة، وأعطيتها مالًا لتشتري به لباسًا، ومكياجًا، وغير ذلك مما يلزمها للزواج، وبعد سنة فسخت الخطبة بإرادتها، فذهبت لأستفسر من أهلها، فلم يخبروني بالسبب، ففي حالة إرجاع المال، هل ترجع المال، أم ترجع لي ما اشترته من ملابس، وغيره، وليس المال؟ مع العلم أن إرجاع الملابس، والمكياج، وغيره قد يضرّ بي؛ لأنها اشترته على ذوقها، ومقاسها، وليس لديّ ما أفعله به؟ أفتوني -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كنت أعطيت هذا المال لمخطوبتك لتشتري به بعض مستلزماتها على سبيل الهدية؛ فإنه تجري عليه أحكام الهبة والهدية التي تلزم بالقبض، وتكون ملكًا للمخطوبة، فلا يحق للخاطب الرجوع فيها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحلّ لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة، فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطيه ولده. ومثل الذي يعطي العطية، ثم يرجع فيها، كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه. رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح.

قال الشيخ الدردير المالكي في الشرح الصغير: فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ. وَكَذَا لَوْ أَهْدَى، أَوْ أَنْفَقَ لِمَخْطُوبَةٍ غَيْرِ مُعْتَدَّةٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الرُّجُوعُ مِنْ جِهَتِهَا، إلَّا لِعُرْفٍ، أَوْ شَرْطٍ. انتهى.

وأما إن كنت قد قدّمت لها ما قدمت على أنه جزء من الصداق عرفًا، أو اتفاقًا؛ لتشتري به المستلزمات التي تتجهز لك بها بعد العقد، فقامت بشراء تلك المستلزمات قبل العقد أثناء فترة الخطبة، فهي متعدية في تصرفها. ويلزمها أن ترجع إليك المبلغ الذي سلمتها كاملًا على الكيفية التي استلمته منك عليها.

أما إن أعطيتها مالًا -على أساس أنه جزء من الصداق عرفًا أو اتفاقًا- لتشتري به مستلزمات تجهيزها، والحال أنك لم تقيد لها في شرائه، ففعلت على وفق ما تم الاتفاق عليه، ولم تتعد في التصرف، فليس لك الرجوع إلا بتلك المستلزمات التي اشترتها من ملابس، وغيرها، حسب اتفاقكما؛ لأنها غير متعدية بالشراء، فلا يلزمها إلا ردّ ما بيدها.

ولا أثر لكون التراجع عن الخطبة من جهة الخاطب، أو من جهة المخطوبة؛ لأن الخِطبة ليست عقدًا ملزمًا، فلكل من الطرفين التراجع عنها متى شاء، لكن ينبغي الوفاء بها ديانة، إذا لم يكن هناك سبب مقبول شرعًا يدعو إلى الترك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني