الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من وجد لقطة في شقة مستأجرة، وآخر تعريفها

السؤال

ذهبت للسياحة في إحدى البلاد واستأجرت شقة للسكن من إحدى السيدات لمدة 20 يوما.
وبعد أسبوع من إقامتي، وجدت بالصدفة مبلغا من المال في أحد الأدراج؛ فاحتفظت به، وانتظرت حتى يسأل عنه أحد؛ لأني أعلم أن الشقة تستأجر يوميا ولا يسكن بها صاحبها، وأنا متعود على الذهاب إليها كل عام. فهذا المبلغ سيكون لأحد سكن قبلي، وحاصة أن الساكن غادر قبل حضوري بساعة واحدة، ولكني في الحقيقة لا أدري لمن يكون. ومرت مدة السياحة ولم يسأل أحد، وغادرت البلد وسافرت واحتفظت بالمال، وانتظرت أي اتصال من صاحبة الشقة تسأل عن المال؛ فلم يحدث.
فأرسلت إلى أصدقائي ليتواصلوا معها، ويخبروها بالواقعة.
واتصل عليها أكثر من شخص يخبرها بذلك، ولكنها لم تصدق. وأرسلت إليها الرسائل أستحلفها كثيرا أن تخبرني هل هذا المال لها أو لأحد من السكان؛ لأني لا أدري ماذا أفعل به؟ فلم ترد، وتجاهلت الموضوع وأنا على هذا الحال منذ سنتين تقريبا، وأنا أخاف الله في هذا المال، أنا في بلد آخر، ولكني أراسلها على وسائل التواصل.
فاخبروني أثابكم ما موقفي من هذا المال؛ فأنا أشعر أني أخطأت حينما احتفظت به، وكان يجب علي تسليمه لها منذ وجدته.
أشيروا علي يرحمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتواصلك مع صاحبة الشقة، وإخبارك لها بالواقعة كما تقول، سواء عن طريق زملائك، أو بواسطة الرسائل، ولو لم يكن ذلك بعد وجود المبلغ مباشرة، يعتبر من تعريفه إن كان في الحول الأول.

فإن لم تكن هي صاحبة المال، فالمتبادر في سكان الشقة قبلك التواصل معها لسؤالها عما فقدوه أو نسوه بالشقة.

ولم تخبرك بأن المال لها، ولم يسألها أحد عنه، وقد أعلمتها بأنك وجدت مالا بالشقة، وأنت على هذا الحال منذ أكثر من سنتين؛ كما تقول.

فلا حرج عليك في الانتفاع به، ولو وجدت صاحبه يوما من الدهر، فعليك ضمانه له. ويمكنك أن تتصدق به بنية أن تكون أجرة الصدقة لصاحبه.
ويذكر بعض أهل العلم أن من أخر التعريف حتى مضى الحول أو بعضه، فإنه لا يملك اللقطة ولو عرفها بعد ذلك، ويمكنه أن يتصدق بها عن صاحبها في رواية عن أحمد.

قال ابن قدامة في المغني: وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، لَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ فِيمَا عَدَا الْحَوْلَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمِلْكِ التَّعْرِيفُ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُوجَدْ, وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا أَوْ يَحْبِسَهَا عِنْدَهُ أَبَدًا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ، كَقَوْلِنَا فِيمَا إذَا الْتَقَطَ مَا لَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ, وَلَوْ تَرَكَ التَّعْرِيفَ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، لَمْ يَمْلِكْهَا أَيْضًا بِالتَّعْرِيفِ فِيمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَكْمُلْ، وَعَدَمُ بَعْضِ الشَّرْطِ كَعَدَمِ جَمِيعِهِ، كَمَا لَوْ أَخَلَّ بِبَعْضِ الطَّهَارَةِ، أَوْ بِبَعْضِ السُّتْرَةِ فِي الصَّلَاةِ. اهـ.

وبعض أهل العلم لا يوجب المبادرة إلى التعريف.

جاء في النجم الوهاج على شرح المنهاج: وتعبيره بـ (ثم) يقتضي أنه لا تجب المبادرة إلى التعريف عقب الالتقاط وهو الأصح؛ لإطلاق الحديث... انتهى محل الاستشهاد منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني