الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البقاء مع زوج يزني بمحارمه ولا يصلي ويسكر وكثير الشك

السؤال

أنا متزوجة من شهور، ولم أرزق أطفالًا، ومشكلتي أن زوجي يشك فيَّ، ويتهمني أني أخونه مع محارمي: إخواني، أخوالي، ويشك في كل أقاربي الشباب، ولو اتصل بي أحد، أو زارني، فإنه يشك فيَّ، ويأتي للبيت فجأة، ويدخل علينا بهدوء، وقصده أن يجدنا نفعل شيئًا، وهذا الأمر يحزنني، وأهلي معروفون بسمعتهم الطيبة، ولا أقول هذا مدحًا، وأنا أحترمهم، وأتكلم معهم باحترام، وأدب، ويقول: لم يزورونك؟ ولم تتكلمين معهم؟ ويسبّني، ويلعنني، ويسبّ أمي وأبي، وهؤلاء أهلي، فهل أقطع علاقتي بهم؟
ومنذ مدة اكتشفت أنه يزني مع محارمه، ويشهد عليَّ ربي، ولا يصلي، ويشاهد الإباحيات، ويشاهد النساء على النت، ويقول كلام قذرًا، ويشرب الكحول، ودائمًا يكذب، ويحلف بالله، ويحلف بالطلاق على أشياء كذب، ونصحته، وحاولت كثيرًا معه أن يصلي، فلم يرضَ، وسبّني، وجرحني بالكلام، ومرات يقول لي: "عندما تزوجتكِ لم تكوني بنتًا"، وأنا بنت مؤدبة، وبنت ناس، والكل يعرف تربيتي، وأخلاقي.
تعبت نفسيتي، وهو يسبّني بألفاظ وسخة، ويقول لي: "أريد أن أزني بأمّك"، ومرات أخواتي، وكثيرًا ما أتأثر، وأبكي، فلا أريد أن يذكر أحد أمّي وأخواتي، ولا أحب أن أسبّ أو أكلمه بألفاظ قذرة، فما الحل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، وكنت حاولت مع زوجك، وسعيت في إصلاحه، فلم يتب، وبقي على تلك المنكرات الشنيعة، والأخلاق السيئة؛ فالحلّ مفارقته بطلاق، أو خلع، قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: إذا ترك الزوج حق الله، فالمرأة في ذلك كالزوج، فتتخلص منه بالخلع، ونحوه. وقال: ونقل المروذي فيمن يسكر زوج أخته، يحولّها إليه. وعنه أيضًا: أيفرق بينهما؟ قال: الله المستعان. انتهى.

وليس الطلاق شرًّا في كل الأحوال، بل ربما كان خيرًا للزوجين، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ {النساء:130}، قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقرّ بها عينه، وللمرأة من يوسّع عليها. انتهى.

وقال ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد: قَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ مِنْ أَكْبَرِ النِّعَمِ الَّتِي يَفُكُّ بِهَا الْمُطَلِّقُ الْغُلَّ مِنْ عُنُقِهِ، وَالْقَيْدَ مِنْ رِجْلِهِ، فَلَيْسَ كُلُّ طَلَاقٍ نِقْمَةً، بَلْ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ مَكَّنَهُمْ مِنَ الْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ، إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني