الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى الإجماع والاتفاق، والفرق بينهما

السؤال

هل ثمة فرق بين الاتفاق والإجماع فقهاً، وعلم العقيدة، وعلم الكلام عقيدةً؟!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإجماع لغة يطلق على العزم، ومنه قوله تعالى: فَأَجۡمِعُوٓاْ أَمۡرَكُمۡ. [يونس/71] أي اعزموا عليه. كما يطلق على الاتفاق، ومنه قولهم: أجمعوا على كذا، أي اتفقوا عليه.

ويطلق الإجماع في الاصطلاح إجمالا على: اتفاق علماء العصر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، على أمر من أمور الدين. كما ذكر ابن قدامة في روضة الناظر.

وقد يطلق الاتفاق ويقصد به الإجماع، وقد يطلق ويقصد به ما هو أخص من الإجماع، كاتفاق الأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء، وعلماء مذهب ما، أو ما اختل فيه شرط من شروط الإجماع ونحوه بحسب مصطلحات بعض أهل العلم. ولذا فيمكن القول بأن كل إجماع اتفاق، وليس كل اتفاق إجماعا.

جاء في المسودة في أصول الفقه: وقال الجويني: إن قرب عهد المختلفين ثم اتفقوا على قول؛ فهو إجماع. وإن تمادى الخلاف في زمان طويل، ثم اتفقوا فليس بإجماع. انتهى.

فهنا قد اتفقوا لكن اتفاقهم لا يسمى إجماعا، بل ينقل بلفظ الاتفاق لا بلفظ الإجماع؛ كما قال. وبعض الكتب المذهبية، يطلق مصطلح الاتفاق على اتفاق أهل المذهب، ومصطلح الإجماع على اتفاق علماء الإسلام كلهم.

قال الحطاب في مواهب الجليل: والمراد بالاتفاق: اتفاق أهل المذهب، وبالإجماع إجماع العلماء. انتهى.
وقال العيني في العمدة: أما اغتسال الرجال والنساء من إناءٍ واحدٍ، فقد نقل الطحاوي والقرطبي والنووي الاتفاق على جواز ذلك.

وقال بعضهم: وفيه نظر؛ لما حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة، أنه كان ينهى عنه. وكذا حكاه ابن عبد البر عن قوم. قلت: في نظره نظر؛ لأنهم قالوا بالاتفاق دون الإجماع، فهذا القائل لم يعرف الفرق بين الاتفاق والإجماع. انتهى.

وعدد عبد الله بن مبارك آل سيف في بحثه: "مقدمة في الإجماع"، فروقا بين الإجماع والاتفاق وهي:

1- أن يكون المراد بالاتفاق اتفاق الأئمة الأربعة، وقيل: إنه مصطلح ابن هبيرة.

2- وقد يكون المراد بالاتفاق -أحيانا- اتفاق المذهب، كما هو مصطلح بعض المصنفين في الكتب المذهبية التي عنيت بتحرير المذهب.

3- وقد يكون الاتفاق ظنياً لا يجزم العالم بالإجماع، فذا يعبر بالاتفاق. قال ابن حزم رحمه الله في مسألة من المسائل: واتفقوا -فيما أظن- أن في المأمومة إذا كانت في الرأس.. إلخ اهـ.

ولم أره يقول: أجمعوا فيما أظن، مما يدل أن الإجماع أقوى عنده، لأن العالم يجزم بالإجماع. انتهى.
هذا فيما يتعلق بمصطلحي الإجماع والاتفاق والفرق بينهما.

وأما سؤالك الثاني، فأرسله مستقلا لنجيب عنه؛ لأن سياسة الموقع تقتضي الإجابة عن سؤال واحد إذا تعددت الأسئلة، وكان موضوعها مختلفا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني