الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوسط في زيارة أهل الزوج أحمد عاقبة

السؤال

أنا فتاة متزوجة من سبعة أشهر، أعيش مع أهل زوجي في نفس المبنى (في مسكن خاص)، وأهل زوجي طيبون معي جدا، ولكن زوجي يجبرني أن أقوم بزيارتهم، وليس خدمتهم بشكل يومي، وأنا لا أريد ذلك، فيحصل شجار بيننا.
سؤالي هو: هل يحق له إجباري على زيارتهم يوميا؟ وهل يقع عليَّ الإثم في حال عدم طاعته في هذا؟ علما بأن أغلب مشاكلنا تخص هذا الأمر، وسيطلع زوجي على إجابة فضيلتكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا نود أن نذكر بين يدي الإجابة على هذا السؤال ببعض الحقائق، ومن ذلك:

أولاً: أن الزواج آية من آيات الله، ونعمة عظيمة، وأن الشرع له مقاصده النبيلة من الزواج، ومن أهمها الاستقرار النفسي، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.

ثانياً: أن الشيطان عدو الإنسان، وهو له بالمرصاد؛ ليفسد عليه حياته، ولا سيما بالنسبة للزوجين، فيبذل جهده للتفريق بينهما، ثبت في صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت.

ثالثاً: من النعم العظيمة أن يكون الزوجان في مسكن مستقل، وأن يتيسر للزوجة أصهار طيبون، فهذه من النعم التي قد يحرمها الكثيرون، وتكون سببا للخصام، بل والفراق بين الزوجين. فينبغي استشعار هذه النعمة، والعمل على شكرها، فشكر النعم من أسباب استقرارها ودوامها.

فينبغي أن يكون ذلك منكما على بال طيلة الحياة الزوجية.

وليس من حق الزوج أن يجبر زوجته على زيارة أهله، ولا يلزمها طاعته في ذلك؛ لأن طاعة الزوجة زوجها لا تجب بإطلاق، ولكنها مقيدة بأمور النكاح، والمعاشرة الزوجية، كما بيناه في الفتوى: 50343.

ولكن مهما أمكن الزوجة أن تستجيب لزوجها، وتحقق له ما يرغب فيه - من غير ضرر يلحقها من ذلك - كان أفضل وأدعى لأن تكسب مودته، وتقوى بسببه العشرة بينهما، فيكون ذلك أدوم للزواج، وأبعد لأسباب الشقاق والخصومة.

فنرجو أن تحرصا على التفاهم في هذا الأمر - ونحسبه يسيرا - والتوصل إلى وفاق يرضي كلا منكما؛ كأن تكون الزيارة لمدة قصيرة أحيانا ونحو ذلك، هذا مع العلم بأن المرء كلما زار غِبًّا، كان ذلك أدعى لمحبته، والعكس بالعكس، روى الطبراني عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: زُرْ غِبًّا؛ تزدد حبًّا. وهو حديث صحيح لغيره، كما قال الشيخ الألباني. ومعناه: أي: لا تكثر من الزيارات حتى تزداد محبتك، فالتوسط فيها مطلوب.

قال الغزالي في إحياء علوم الدين: وهكذا يقصد التوسط في زيارته وغشيانه، غير مقلل ولا مكثر، فإن تقليل الزيارة داعية الهجران، وكثرتها سبب الملال. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني