الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعامل مع الأب المرتدّ

السؤال

أنا شاب مسلم -والحمد لله-، وأصلي منذ بعض سنوات، وأبي لا يصلي، ويطعن في أمور الدِّين، كالأحاديث، وغيرها، لكنه لا يفعل ذلك أمامي منذ بدأت الصلاة، ويجالس الملاحدة، وإذا سألته: هل أنت مسلم؟ قال: نعم، ولديه شبهات كثيرة حول الصحابة، والقرآن، والأحاديث، وبعضها كفر، ولديه جهل كبير، ولا يتكلم العربية، فربما لم تتضح له الشبهات، وكلما دخل مجلسًا مع الملاحدة، تكلم بالشبهات كأنه منهم، وإذا كلمته عن الصلاة، فلا ينكر عليّ، بل يقول لي: نعم، كأنه يستحيي مني، وسمعت فتوى للشيخ العثيمين يتكلم على الوالدة المرتدة، وأنه ليس لها حقوق، ولا أدري هل تنطبق على حالتي خاصة، علمًا أنه قبل أن أبدأ الصلاة كان يطعن طعنًا كثيرًا على الإسلام، ولا يريد الآن إظهار ذلك أمامي، ولكنه يفعله مع الناس، فهل أبي مرتد، وليس لي أجر بر الوالدين إذا أحسنت إليه؟ وهل عليّ أن أبره؟ وهل ليس من حقي أن أحكم عليه بالردة ما دام هذا بسبب شبهات سببها الجهل؟ خاصة أني على كل حال أرى محاسن، وتأثرًا عنده، وقد ُترجى هدايته. بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالشيخ ابن عثيمين يفرّق بين الكافر المرتد، وبين الكافر غير المرتد:

فالثاني يكون له حق القرابة، إن كان من ذوي القربى.

وأما الأول فقال الشيخ بوجوب هجره، والبُعد عنه، وألا يجالس، ولا يواكل، إذا دعي إلى الرجوع للإسلام، فأبى، ثم علّل ذلك، فقال: وذلك لأن المرتدّ لا يقرّ على ردّته، بل يدعى إلى الرجوع إلى ما خرج منه ... اهـ. وانظر الفتوى: 135752.

ولا يخفى أن حدّ الردة لا يقام في أكثر بقاع الأرض، فيبقى المرتدّ على حاله، وغالبًا لا تقام عليه حجة ملزمة وقاطعة.

ومن ثم؛ فهو محل دعوة، ونصح، ولا سيما إن كان والدًا، وهذا كله فيمن صرح بالإلحاد، وأما مع الاحتمال ومجرد الظن، فيبقى له حكم الإسلام وحقوقه.

وقد علّق الشيخ ابن عثيمين حكم الهجر، بدعوته إلى الرجوع للإسلام وإبائه، فأين هذا من حال السائل ووالده؟! ولا سيما مع تحسن حال الوالد، وتأثره، ورجاء هدايته، كما ذكر السائل. وراجع الفتويين: 193259، 237685.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني