الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يثاب الشخص في إقراض المال؟

السؤال

صديقتي اقترضت مني أشياء من قبل -كثياب، وأموال- على أن تردها إليّ مرة أخرى، ولكنها لم تفعل، وأنا أسامحها في كل مرة، وهذه الصديقة طلبت مني مبلغًا كبيرًا بالنسبة لي، ولكنه متوفر معي، وهي تطلب مني لعلمها أني أعمل، ولي راتب جيد، وقالت: إنها في حاجة إليه، وذكرت لي أن أهلها بسطاء، ولا يقدرون على مساعدة أخيها في دفع رسوم جامعته، وأنا أعلم أن هذا يمكن أن يكون صحيحًا، ويمكن أن يكون غير ذلك، ولا أميل لإعطائها المبلغ؛ لأنها لم تبادر أبدًا برد أيّ دين، رغم أنها تعمل أيضًا، ولكن براتب أقل، وتهتم جدًّا بمظهرها، وبما تلبسه، وتذهب إلى المطاعم والكافيهات، وفي نفس الوقت أتألم عندما أفكّر أنها من الممكن أن تكون في حاجة ماسّة لذلك، وأن يكون بمقدوري رفع الضرر عن أخيها ولا أرفعه.
أعلم أنها إذا أخذت المال فلن تردّه على أي حال، ولكني في حيرة من أمري، فإذا أعطتها ما طلبت، وكانت تستغلني، فهل يجازيني الله خيرًا، أم سيسألني عن هذا المال؟ وأرجو النصح بشأن تلك الصديقة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن المعلوم أنه لا يلزمك شرعًا أن تدفعي شيئًا من المال إلى صديقتك تلك.

وأما هل إذا أعطيتِها المال تثابين أم تحاسبين؟:

فإن كنت تعلمين، أو يغلب على ظنك أنها ستنفق المال في سفهٍ، فإنه يُخشى عليك الإثم بإعطائها المال؛ لما في دفعه لها من تضييع المال.

وقد جاء النهي عن تضييع المال، ووجوب حفظه، وتدبيره، وحسن القيام عليه، حيث جعله الله تعالى سببًا في إصلاح المعاش، وانتظام الأمور، قال الله تعالى: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا {النساء:5}، قال السعدي في تفسيره: السفهاء: جمع "سفيه" وهو: من لا يحسن التصرف في المال، إما لعدم عقله، كالمجنون، والمعتوه، ونحوهما، وإما لعدم رشده، كالصغير، وغير الرشيد. فنهى الله الأولياء أن يؤتوا هؤلاء أموالهم؛ خشية إفسادها وإتلافها؛ لأن الله جعل الأموال قيامًا لعباده في مصالح دينهم ودنياهم، وهؤلاء لا يحسنون القيام عليها وحفظها. اهــ.

وإن كنت لا تعلمين، ولم يغلب على ظنك أنها ستنفقه في سفهٍ، فالأصل جواز دفع المال إليها، وتؤجرين على إعانتها.

وما دمت حريصة على فعل الخير، وتفريج كربات المحتاجين؛ فإن المحتاجين كثر، ومن الناس من هو أحوج إلى المال من كثير من طلاب الجامعات، وبلاد المسلمين ملأى بالفقراء، والمساكين.

وأما النصيحة بشأن تلك الصديقة:

فإن كانت صديقتك تعينك على طاعة الله تعالى، والتقرب إليه، فاحرصي على صحبتها.

وإن كانت غير ذلك، فابتعدي عنها، وفي الحديث: لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ. رواه أبو داود، والترمذي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني