الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتابة الروايات وتصميم الأغلفة لها واستعمال الصور فيها

السؤال

منذ سنة بدأت في كتابة الروايات، وكنت أراعي فيها الحدود، ولا أتجاوزها، وكنت أستعين بآيات من القرآن الكريم، ولكن لا تخلو من بعض الرومانسية بين الزوجين في الحلال، كـ(احتضنها، وأمسك يدها)، وبعدما بدأت في كتابة روايتي الثانية، وقمت بنشرها، بدأت أسأل نفسي: هل ما أفعله صواب؟ واستخرت الله أكثر من مرة، وسألت إحدى زميلاتي لتستشير أحدًا يعرف، وسألت أحد المشايخ على صفحات الفيس، ولم يجيبوني فورًا، وفي تلك الفترة صليت صلاة الاستخارة، وبعدها جاءني جوابهم بجوازها، إن كانت لا تحتوي على شيء مخالف للدِّين، فأكملت كتاباتي، وكنت أدعو الله أن يوفّقني فيها، ومؤخرًا بدأ يصيبني الإحباط، ولم أعد أكتب، وكنت أنفر منها، وحاولت أن أكتب، ولكني أتراجع رغم وجود الأفكار، وأقول: لاحقًا سأكتب، وبعدها كلّمتني فتاة في السادسة عشرة من عمرها، وقالت: إن الروايات حرام، وتضع شهوة في القلب، وإنها تتخيل مشاهدها في الصلاة، وعند قراءة القرآن، وإنها تضيع الوقت، وما إلى ذلك، فشعرت بشيء ما، وكأنه انقبض قلبي، وقررت أن أستخير الله، وبعدها توكلت عليه، وبعدها بأيام أصابني الإحباط الشديد، والبكاء، وقررت أن أخرج من جميع المجموعات والصفحات الخاصة بالروايات، وبدأت بحذف رواياتي التي نشرتها على قدر المستطاع؛ لإحساسي بالذنب، وأني أضيع أوقات أناس آخرين، وأنها ستكون حجة بالنسبة لهم يوم القيامة أمام الله، وأنها ذنوب جارية حتى بعد وفاتي؛ بالإضافة إلى أنه لا أحد يهتم بها، ولو كان القليل، ولكني عزمت على عدم الرجوع إليها، وتخليت عن حلمي، وأخشى الرجوع مرة أخرى؛ لأني توقفت سابقًا، ورجعت مرة أخرى، فقلت: إن كتبت مرة أخرى، فسأكتب لنفسي، ولن أنشرها -بإذن الله-، وأتمنى من الله أن يعوّضني خيرًا، وقد توجهت لتصميم الأغلفة للروايات، ولكني لا أظهر وجوه الأشخاص، وأستخدم الظلال، فهل ما كنت أفعله، وما قررته صحيح؟ وهل كل ما دار بخاطري عن ذلك صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسال الله أن يوفقك، وأن يزيدك حرصًا على الخير.

والذي نقرره أن كتابة الروايات الخالية من المحاذير الشرعية، لا حرج فيه، بل قد تكون كتابتها مطلوبة، إذا كان فيها دعوة إلى ما يرغّب فيه الشرع من عقيدة صحيحة، أو أخلاق فاضلة، أو تعليم خير، كما فصلنا ذلك في الفتويين: 47548، 308146.

وأما بخصوص قولك: (ولكن لا تخلو من بعض الرومانسية بين الزوجين في الحلال كـ(احتضنها، وأمسك يدها)، فلا يظهر لنا تحريمه، كما سبق في الفتوى: 375208.

وننبهك إلى أهمية أخذ الفتاوى ممن عُرف بالعلم، وشُهد له بالأهلية.

أما تلقف الأحكام الشرعية ممن لم يعرف بالعلم، فأمر في غاية الخطورة، كما في قولك: (وبعدها كّلمتني فتاة في السادسة عشرة من عمرها، وقالت: إن الروايات حرام ..).

وأما تصميم الأغلفة للروايات، واستعمال الصور فيها: فلا حرج في وضع الصور الفوتوغرافية على الأغلفة، إلا الصور التي يحرم النظر إليها؛ كصور النساء العاريات، ونحوها.

وأما الصور المرسومة باليد: فإن كانت الصور ناقصة الخلقة ما لا تتم الحياة إلا به -كأن تكون ناقصة الرأس، أو الصدر، أو نحو ذلك -، فلا حرج في استعمالها، وكذا إن كانت كاملة، لكن جرى طمس الوجه، أو كانت معالم الصورة غير واضحة، وراجعي في بيان ما سبق في الفتاوى: 152675، 368206، 314791، 145067.

وأما ما يتعلق بمضمون الرواية: فإن الروايات التي علمت أنها تدعو إلى العقائد الفاسدة، وتزيين الفواحش، والعصيان، ونحو ذلك؛ لا يجوز الإعانة على نشرها بتصميم الأغلفة لها.

وأما الروايات التي علمت أنها سالمة من المحاذير الشرعية، فلا حرج في تصميم الأغلفة لها.

وأما إذا جهلت حال الراوية، فلا يظهر أنه يحرم عليك تصميم الغلاف لها حينئذ؛ وذلك لأن القاعدة في باب الإعانة على المحرم: أن المنع من الإعانة على المحرم، محله هو عند العلم، ومثله غلبة الظن عند بعض العلماء، وأما الشك، فلا يوجب المنع. وراجعي الفتوى: 180045.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني