الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوقاية من شرّ الحسد

السؤال

شكرا لكم على هذا الموقع الرائع.
سؤالي هو: كيف أتقبل وجود الشر والحسد عند الأشخاص المقربين، وأستطيع أن أتعامل معهم. علما أن كلامهم بحسد عن غيرهم لدرجة أنهم يحسدون المريض لأنه استطاع جلب دكتور للبيت، يحسدون الآخرين على أبسط الأمور مثل طعامه وعلاقاته، وأبسط أمور الحياة.
وعندما أدافع عن الآخرين يزداد غضبهم. نفسيتي تعبت، وكرهتهم بالذات بعد وفاة إحدى قريباتنا مما كانوا مركزين على حياتها ويحسدونها. تعبت لماذا يوجد هذا الشر عندهم؟ وللعلم لا أستطيع مقاطعتهم، فهم صلة رحم مقربة. تعبت من كلامهم واتصالاتهم الهاتفية، وحسدهم وشكواهم وتذمرهم.
كيف أتقبل وجود الشر في الحياة؟ وكيف أتعامل معهم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمّما يعين العبد على الرضا بما جعله الله في الدنيا من الشرور والمنغصات؛ أن يعلم أنّ الله تعالى حكيم خبير، وأنّه رحيم ودود، وأنّ الدنيا دار ابتلاء واختبار، والآخرة دار الجزاء.

وأنّ الابتلاء في الدنيا يكون بالخير كما يكون بالشر، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ. [الأنبياء: 35].
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: وقوله: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة}. أي: نختبركم بالمصائب تارة، وبالنعم أخرى، لننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط، كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {ونبلوكم} يقول: نبتليكم بالشر والخير فتنة، بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية والهدى والضلال..

وقوله: {وإلينا ترجعون} أي: فنجازيكم بأعمالكم. انتهى.
وأمّا التعامل مع هؤلاء الأقارب؛ فيكون بالإحسان إليهم وإحسان الظنّ بهم، فلا يجوز اتهام أحد بكونه يحسد أو يضمر شراً، إلا ببينة.
والوقاية من شرّ الحسد تكون بالاستعاذة بالله تعالى منه، والتوكل عليه، فمن توكل على الله كفاه ما أهمّه، وكذلك بإهمال الفكرة فيه، وعدم الانشغال به والالتفات إليه، فهذا من أنفع الأدوية له.

قال ابن القيم -رحمه الله- في بدائع الفوائد، عند ذكر الأسباب التي يندفع بها شر الحاسد عن المحسود:
فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه، وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له، فلا يلتفت إليه ولا يخافه، ولا يملأ قلبه بالفكر فيه. وهذا من أنفع الأدوية، وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره؛ فإن هذا بمنزلة من يطلبه عدوه ليمسكه ويؤذيه. فإذا لم يتعرض له، ولا تماسك هو وإياه، بل انعزل عنه، لم يقدر عليه. فإذا تماسكا وتعلق كل منهما بصاحبه حصل الشر. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني