الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وقوع الزوج في بعض المعاصي لا يجعل للزوجة حقّ التطليق

السؤال

أنا متزوجة منذ ثماني سنوات، ولديّ أربعة أطفال، وبعد العام الأول من زواجي اكتشفت صدفة أن زوجي يكلّم زميلة له في العمل بالهاتف، وعلى حد قوله: إنه كلام "عادي"، بمعنى أنه لا يُكِنّ لها أية مشاعر، وإنما مجرد أحاديث عادية، ووعدني وحلف بالله ألا يكررها، لكن الموضوع تكرر مع نفس المرأة عدة مرات، علمًا أنها كانت تحدّثه عن "حبيبها"، وكانت تبعث له الأغاني، ومن العبارات التي كتبتها: "أنا أحب الأجواء الرومانسية"، وأنا لا أرى أن هذا الكلام فيه طِيب نية، فمن الواضح أنها تحاول إغراءه، أو على الأقل هكذا أرى.
وبعد مدة رأيته أيضًا يحدث أخريات، ولكنه في كل مرة كان يعدني ويحلف بالله، لكنه يعود لنفس الخطأ.
فقدت ثقتي به تمامًا، ولم أعد أشعر بالأمان معه نهائيًّا، وأحيانًا أشعر أنني أكرهه، وهو أيضًا غير ملتزم بالصلاة، فلا يصلي إلا حين أذكّره بها، مع أنه لا يمانع في ذلك، بل يرحّب بتذكيري، وهو شخص طيب وكريم، ومحبوب، ولا يقصر معي أو مع أولاده.
أنا موظفة، وأهلي ناس كرام، وعلاقتهم بزوجي طيبة جدًّا، ولم أذكر لأي أحد يومًا ما فعله، فهل الأفضل في هذه الحالة طلب الطلاق، أو الاستمرار معه؟ وإذا طلبت الطلاق، فهل يعدّ هذا خلعًا أتنازل فيه عن حقوقي، أم آخذ حقوقي كاملة؟ فأنا تأذيت نفسيًّا بشدة من جرّاء ما فعل، فقد جرحني كثيرًا بفعله؛ لدرجة أنه لا تمرّ ليلة لا أبكي فيها، وبدأت أحيانًا أنفّس غضبي في أطفالي، مع أني كنت أحرص كل الحرص على تربيتهم، لكن مشاعري السلبية بدأت تؤثر فيهم. جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فوقوع الزوج في بعض المعاصي -كالعلاقات المحرمة بالنساء-؛ ليس من الأسباب التي تجعل للزوجة حقّ التطليق، ولكن يجوز لها مخالعته على مال، قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: إذا ترك الزوج حق الله، فالمرأة في ذلك كالزوج، فتتخلص منه بالخلع، ونحوه. انتهى.

والذي ننصحك به ألا تفارقي زوجك بطلاق، ولا خلع، ولكن تجتهدي في استصلاحه، وإعانته على التوبة، والاستقامة: بتذكيره بالله عزّ وجلّ، وتخويفه عقابه، وحثّه على مصاحبة الصالحين، وحضور مجالس العلم والذِّكر، والتعاون معه على فعل الطاعات، ولا سيما الصلاة، فهي عمود الإسلام، ومفتاح كل خير، قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ {البقرة:45}.

قال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: أمرهم الله أن يستعينوا في أمورهم كلها بالصبر بجميع أنواعه، وهو الصبر على طاعة الله حتى يؤديها، والصبر عن معصية الله حتى يتركها، والصبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها، فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه، معونة عظيمة على كل أمر من الأمور، ومن يتصبر يصبره الله، وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، يستعان بها على كل أمر من الأمور. انتهى. وراجعي الفتوى: 3830.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني