الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من أسباب الغنى والبركة

السؤال

كنت قد طرحت سؤالي أو مشكلتي من قبل، ولكني الآن سأطرح المشكلة بطريقة أخرى، ومن زاوية أخرى.
خلاصة الموضوع: لقد أخذت قرارا بالزواج بزوجة ثانية. ومعي الأولى. وحالي الآن ميسور، وقادر على الإنفاق على بيتين، وإن شاء الله قادر على العدل بينهما بإذن الله. ولكني أخشى من تبدل الأحوال والزمن. وأخشى من الفقر. أخشى أن يتدهور عملي في المستقبل.
الحمد لله وبفضله، عندي شركة توزيع خامات طباعة، وإن شاء الله والحمد لله، أنا في زيادة.
فماذا أفعل؟
مع أني أعلم علم اليقين أن الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى. ولكني أعلم أيضا تقلب السوق وتقلب الأحوال.
فهل أتوكل على الله وأكمل في موضوع الزواج الثاني، علما بأني فعلا أحتاج للزواج؟
سؤالي الثاني: وهذه نقطة مهمة أرجو التركيز عليها، وهي أني بفضل الله بدأت في حفظ القرآن منذ شهرين، وأستمع للخطب والمواعظ الدينية، وأحاول الالتزام في الصلاة في مواعيدها في المسجد.
ومع كل ذلك، ومع علمي بخطورة وحرمة إطلاق الصبر، إلا أني غير قادر على غض بصري.
بالإضافة، أو نتيجة لأن زوجتي لا تكفيني، ولا تهتم بنفسها، ولأن جسمها وحجمها ضعف حجمي. ولأني ألتزم بالرياضة وهي لا تلتزم بها. وبسبب تقارب أعمارنا من بعض أنا 28 سنة، وهي 27 سنة. وبسبب اختلاف التفكير والبيئة والتربية، والمجتمع بيني وبينها.
وأيضا تم إجباري من أول زواجي بواسطة والدي لأتزوجها. ولأنها لا تملأ قلبي ولا عقلي. كل هذه أسباب تدعوني لأن أتزوج بأخرى.
فأنا لا أريد تطليقها بسبب أولادي، فأنا عندي ولد وبنت، ولا أريد تشتيت الأسرة. ولا أريد تطليقها؛ لأن من ضمن أهدافي من الزواج مرة أخرى هو إيواء الزوجات وليس رميهن في الشارع. وأيضا لأن أبي وأمي يحبان زوجتي الحالية، فلا أريد عصيانهما في تطليقها. كل هذه أسبابي في عدم تطليقها. وذكرت أسبابي في الزواج عليها.
فأرجوكم أفيدوني هل لي حق بالزواج بثانية؛ لأعف نفسي، وأغض بصري، وأشبع رغبتي العاطفية والاجتماعية والفكرية والجنسية؟
وسؤالي الأول: هل لي حق في خوفي من الفقر، وخوفي من قلة أو زوال الرزق والنعم؟
آسف جدا على الإطالة. فأنا لا أعلم، وليس عندي أحد أشكو إليه همي بعد ربي، غيركم.
شكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ينبغي أنّ يصدّك عن الزواج خوفك من الفقر، أو تبدل الأحوال، وما دمت تريد الزواج لإعفاف نفسك وصونها عن الحرام، مع حرصك على إبقاء زوجتك الأولى، رعاية لها ولأولادك، وإرضاءا لوالديك؛ فالزواج بأخرى في حقّك؛ مطلوب، وهو بإذن الله يكون سبباً للغنى والبركة.

جاء في تفسير القرطبي: "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله". وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله، واعتصاما من معاصيه.

وقال ابن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح، وتلا هذه الآية. انتهى.
واعلم أن غض البصر عن الحرام من أنفع الأمور لحفظ الفرج وصلاح القلب، كما أن إطلاق البصر في المحرمات يزهّد الزوج في زوجته ولو كانت أجمل نساء الأرض، ويفتح الأبواب للشيطان ليزين له الافتتان بغيرها والنفور منها، وقد يندفع الإنسان وراء رغبة عارضة ثم يندم ولا يحصل مراده.

قال ابن الجوزي -رحمه الله- في كتاب صيد الخاطر: أكثر شهوات الحس النساء, وقد يرى الإنسان امرأة في ثيابها، فيتخايل له أنها أحسن من زوجته، أو يتصور بفكره المستحسنات، وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة، فيسعى في التزوج والتسري.

فإذا حصل له مراده، لم يزل ينظر في العيوب الحاصلة، التي ما كان يتفكر فيها، فيملّ، ويطلب شيئًا آخر، ولا يدري أن حصول أغراضه في الظاهر ربما اشتمل على محن، منها أن تكون الثانية لا دين لها، أو لا عقل، أو لا محبة لها، أو لا تدبير، فيفوت أكثر مما حصل. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني