الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوج فتاة ولم يجدها عذراء وولدت ووضع الولد على باب المستشفى

السؤال

فضيلة الشيخ: حفظه الله.
أنا رجل قد تزوجت امرأة تقربني، وذلك بعد هروبها من بيت أهلها، حيث بعد الهروب اتصلت على أمي، وأخبرتها أنه قد تقدم لها أحدهم طالبا الزواج منها، ولكن أباها رفض، وهي تريده، وطلبت المساعدة من أمي لحل هذه المشكلة، خاصة وأنها غير عازمة على الرجوع لبيت أهلها.
حينها أخبرتني أمي بهذه الحادثة، وكانت منزعجة جدا، وغاضبة، ومحتارة، وطلبت أن نقوم بردها لمنزلنا على الأقل، وفعلاً تم ردها إلى منزلنا، وبعد مشاورات تم التوصل؛ لأن أقوم أنا بسترها، والزواج منها لغرض الستر.
ذهبت أمي حينها إلى والد قريبتي، وهو أخوها من أمها، وذكرت له الحادثة، وفي نفس الوقت طلبت يدها للزواج مني، وفرح خالي، وقال: تم الأمر، وفي خلال أسبوع تم الزواج.
ولكن في ليلة الزواج لم أجد هذه الزوجة عذراء، مع العلم أنها بكر لم تتزوج من قبل، واشتد همي وغمي، وقلت يمكن أن يكون شكا وغير صحيح، وأمضيت بعدها مدة حوالي الشهرين، وتبين أنها حامل، وبطنها كان له حجم كبير، وفعلا خلال سبعة أشهر فقط وأقل منذ زواجنا ولدت هذه الزوجة بطفل مكتمل الشهور حسب تقرير الأطباء، مما أكد لنا أن هذا الولد ليس ولدي. عندها رفضت أنا أن أتبنى ولدا ليس ولدي، ولا أقبل وجوده في بيتي، وبعد المداولات مع أهلها اتفقنا أنا وأخو زوجتي أن نتخلص من هذا الولد عن طريق وضعه عند بوابة أحد المستشفيات في المنطقة، وهي بعيدة عن مدينتنا؛ حتى لا يعلم أحد بذلك، مع الإعلان للمجتمع أنه توفي، حتى لا تكون هناك فضيحة، وأنه خرج من بطن أمه، وهو غير مكتمل النمو.
وفعلا هذا ما تم. قمنا أنا وأخو زوجتي بالذهاب به إلى ذاك المستشفى، ووضعه مع مستلزماته من حليب وغيره عند باب المستشفى، حتى يتم أخذه لدار الرعاية هذا كان القصد.
ولكن عندما وضعنا الطفل هناك لم ننتظر حتى نتأكد من استلام المستشفى له، بل وضعناه، وانطلقنا مسرعين موقنين أن هذا ما سيحدث، وفي نفس الوقت لا نريد أن يكشف أمرنا.
وبعد رجوعي قررت أن أجدد عقد الزواج معها بمهر جديد، حتى تحل لي عن طريق مأذون شرعي، وبطريقة خفية، وبعقد خطي بدون إجراءات رسمية.
استمرت السنين، وأنا أعيش في جحيم داخلي مع هذه...

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولا أن كون هذه الفتاة لم تجدها عذراء لا يعني بحال أنها فاسدة، أو أنها قد وقعت في الزنا؛ لأن زوال البكارة له أسباب عديدة غير الزنا.

قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: زوال البكارة من المرأة، لا يعني أنها كانت فاسدة؛ إذ قد يكون زوال بكارتها لسبب غير الجماع، كعادتها هي، أو سقوطها، أو قفزتها، أو ما أشبه ذلك، وليس معنى ذلك أنني أفتح بابًا للفتيات بالعبث، ولكنني أريد أن أزيل شبهة تقع للزوج في مثل هذه الحال. اهـ.

وكونها قد ولدت مولودا مكتمل النمو لأقل من سبعة أشهر لا يعني أنه ولد زنا، بل هو ولدك وينسب إليك؛ للحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الولد للفراش. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 58272.

وقد ذكر العلماء أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وأوضحنا كلامهم هذا في الفتوى: 23882. وإذا ثبت كونه ولدك، ومنسوبا إليك، فليس لك الحق في نفيه إلا بلعان.

وبغض النظر عن كونه ولدك أو ليس بولدك، فقد أسأت أنت وأخو زوجتك إساءة عظيمة بوضعه عند باب المستشفى، فهذا فعل يعرضه للهلاك زيادة على حرمانه من نسبه. فالواجب عليكما أن تتوبا إلى الله تعالى توبة نصوحا.

وبما أنه ولدك، فالواجب عليك البحث عنه في الأماكن التي يغلب على الظن أن تجده فيها؛ كدور الرعاية مثلا، وأن تقوم على العناية به ورعايته، والإنفاق عليه، ولا تتركه عرضة للضياع. روى النسائي في السنن الكبرى عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيع، حتى يسأل الرجل على أهل بيته.

وما ذكرته من تجديد العقد، فالظاهر أنه مبني على اعتبارك لها زانية، والأصل أنها عفيفة، وسبق أن بينا لك أن زوال البكارة لا يستلزم الوقوع في الزنا. ومثل هذا التفكير يعزز الشكوك في قلبك، والذي ينبغي أن تعمل على كل ما يبعد عنها الشكوك، فلا تستسلم لوساوس الشيطان، بل استعذ بالله من شره، وأعرض عن خواطره، فلا تسترسل معها، فبذلك تسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني