الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتابة الطلاق يرجع فيها إلى نية الزوج

السؤال

بعد عقد زواجنا بخمسة أشهر تخاصمنا، وشتمني زوجي، فغضبت، وطلبت الطلاق، فكتب لي بالواتس دون تلفظ: (أنت طالق)، وعدنا لبعضنا، لكن أخي أصرّ أن يعيد عقد زواجنا، ودون علمنا كتب في الحالة الاجتماعية لي (طلقة قبل الدخول)، وتزوجنا، وبعد سبعة أشهر تخاصمنا بالواتس؛ لأنه مغترب، وكتب لي: (أنت طالق)، وبعد لحظات -حسب قوله- أرجعني، وطلب أخي منه كتابة ورقة طلاق، لكن زوجي رفض، وقال: إنه لم يكن له نية بالطلاق، وتحت إلحاح أخي كتب زوجي ورقة بخط يده شهد فيها أنه أرجعني، ورجعنا لبعضنا، وبعد أشهر حصلت مشكلة بسبب زوجته وأمّه وأبيه، وهددوني بالضرب، وشتموني، فهربت إلى بيت أمّي، ولم يكن هو سندًا لي، فأحسست بخذلانه لي، فغضبت، وكانت علّي الدورة الشهرية، ودون أن أشعر طلبت منه الطلاق، وشتمت أمّه بالواتس، فكتب لي: (أنت طالق)، فانصدمت، وحفاظًا على كرامتي قلت له: سجل الطلاق صوتيًّا؛ لأني وقتها أحسسته كذابًا، فسجل تسجيلًا صوتيًّا قال فيه بصوته: (أنت طالق طالق طالق يا... (وذكر اسمي)، أنت من لساني طالق بالثلاث النافذ يا (ذكر اسمي)، وبعدها طلب منه أخي أن يرسل ورقة طلاق من المحكمة تثبت الطلقة الأخيرة، وبسبب كورونا قال ابن خالتي (طليقي): المحاكم في السعودية مغلقة، فكتب ورقة بخط يده شهد فيها على نفسه أنه طلقني الطلقة الثالثة والأخيرة، وأنه يتمنى أن يبدلني الله خيرًا منه، وبعد أسابيع رجع يتواصل معي، ويقول لي: إنه يحبني، ويتمنى الموت دوني، وأنني زوجته، ولا زلت أحبه جدًّا، لكني أحسّه دائمًا يفرط في طلاقي؛ لأني زوجته الثانية، وليس عندي أطفال، وهذا الشيء كسرني من ناحيته، فهل كلامه صحيح أني لا زلت في عصمته، وزوجته؟ وإذا كنت محرمة عليه، فكيف أنساه نهائيًّا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإننا ننصح بأن يراجع زوجك المحكمة الشرعية - إن أمكن -، أو أن يشافه بعض أهل العلم؛ ليبين لهم الكيفية التي صدرت بها الطلقات منه، وما قصد حين كتب الطلاق؛ لأن كتابة الطلاق كناية من كناياته، فيرجع فيها إلى نية زوجك، فإن قصد الطلاق، وقع طلاقه، وإلا لم يقع، قال ابن قدامة في المغني: الموضع الثاني: إذا كتب الطلاق: فإن نواه، طلقت زوجته، وبهذا قال الشافعي، والنخعي، والزهري، والحكم، وأبو حنفية، ومالك... فأما إذا كتب ذلك من غير نية، فقال أبو الخطاب، قد خرجها القاضي الشريف في الإرشاد على روايتين: إحداهما: يقع، وهو قول الشعبي، والنخعي، والزهري، والحكم؛ لما ذكرنا. والثانية: لا يقع، إلا بنية، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، ومنصوص الشافعي؛ لأن الكتابة محتملة، فإنه يقصد بها تجربة القلم، وتجويد الخط، وغمّ الأهل، من غير نية، ككنايات الطلاق.. اهـ.

وقول الزوج لزوجته: "أنت طالق طالق طالق"، تقع به طلقة واحدة، إلا إذا قصد به الزوج إيقاع الثلاث، كما بيناه في الفتوى: 388552.

وقوله لزوجته: "أنت طالق بالثلاثة"، فيه خلاف بين الفقهاء، فمنهم من ذهب إلى أنه تقع به ثلاث طلقات، وهو قول الجمهور، واختار ابن تيمية أنه تقع به طلقة واحدة، وسبق بيانه في الفتوى: 60228.

وننبه إلى أمرين:

الأمر الأول: أن من الحمق أن يعجل الزوج إلى الطلاق، واتخاذه وسيلة لحلّ المشاكل بينه وبين زوجته.

وينبغي أن يكون بين الزوجين معاشرة بالمعروف، كما قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:228}.

الأمر الثاني: هنالك وسائل لعلاج العشق، ذكرها أهل العلم، بيناها في الفتوى: 9360.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني