الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين القرعة واللعب بالنرد

السؤال

ما الفرق بين القرعة واللعب بالنرد؟ فصديقي كان يلعب لعبة بالنرد، وعندما قلت له: إن النرد حرام، قال: إذن سألعبها كالقرعة، وأصبح يلعبها بالورق، وغيّر بعض الأحكام، فهل هذا يجوز أم لا؟ أجيبوني -يرحمنا ويرحمكم الله-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمعنى القرعة، كما جاء الموسوعة الفقهية الكويتية: اسم مصدر بمعنى الاقتراع، وهو الاختيار بإلقاء السهام، ونحو ذلك. وليست القرعة من الميسر، كما يقول البعض؛ لأن الميسر هو القمار، وتمييز الحقوق، ليس قمارًا.

وليست من الاستقسام المنهي عنه؛ لأن الاستقسام تعرض لدعوى علم الغيب، وهو مما استأثر به الله تعالى، في حين أن القرعة تمييز نصيب موجود، فهي أمارة على إثبات حكم؛ قطعًا للخصومة، أو لإزالة الإبهام.

وعلى ذلك؛ فالقرعة التي تكون لتمييز الحقوق مشروعة.

أما القرعة التي يؤخذ منها الفأل، أو التي يطلب بها معرفة الغيب والمستقبل، فهي في معنى الاستقسام الذي حرمه الله سبحانه وتعالى. اهـ.

فالقرعة هي طريقة للاختيار، قد تستعمل في المباح -كتمييز الحقوق المشروعة-، وقد تستعمل في غير المباح -كطلب الفأل، أو الشؤم منها، وكاستعمالها أداة للعبة قائمة على الحظ والتخمين- بخلاف النرد، فهو اسم للعبة معينة، كما شرحناه في الفتوى: 392779.

وعلى كل حال؛ فإن الألعاب القائمة على الحظ والتخمين داخلة في معنى النرد المنهي عنه.

ومجرد تغيير آلة اللعبة من آلة النرد إلى القرعة بالأسهم، أو الأوراق، أو غيرها لا يخرجها عن حكم النرد، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اللعب بالنرد حرام عند جمهور الفقهاء - المالكية، والحنابلة، والصحيح عند الشافعية، ورأي لبعض الحنفية-؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: من لعب بالنردشير، فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه. ولقوله: من لعب بالنرد، فقد عصى الله ورسوله.

ويكره تحريًما عند الحنفية؛ للحديث السابق، ولأنه إن قامر به، فالميسر حرام بالنص، وإن لم يقامر، فهو عبث ولهو، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه ونبله.

وعلل الشافعية التحريم بأن معتمده الحزر والتخمين، المؤدي إلى غاية من السفاهة والحمق، قال الرافعي: ويقاس على الشطرنج والنرد كل ما في معناه من أنواع اللهو: فكل ما معتمده الحساب، كالمنقلة -حفر أو خطوط ينقل منها وإليها حصي بالحساب- لا يحرم، وكل ما معتمده التخمين يحرم، النرد ونحوه، والنرد موضوعه ما يخرجه الكعبان: أي: الحصى، فهو كالأزلام. ومقابل الصحيح عند الشافعية أنه يكره. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني