الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أرسل كتابًا محمي الحقوق جاهلًا بالشرط

السؤال

اشتركت في برنامج تفسير، وهذا البرنامج يرسل صفحات من كتاب معين، فنشرت بعض المقاطع من هذا الكتاب، وطلب مني بعضهم إرسال هذا الكتاب لهم، ثم اكتشفت بعد ذلك أنه غير مسموح بإرسال الكتاب لغير المشتركين في البرنامج، فهل عليّ ذنب في ذلك أم لا؟ مع العلم أني أستطيع التحكم في حذف الكتاب ممن أرسلته لهم، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يوفقك وأن يزيدك حرصا على الخير، ولا إثم عليك -إن شاء الله- في مخالفتك لشرط البرنامج دون قصد للمخالفة، وجهلًا منك بشرطها؛ فالخطأ لا يؤاخذ به العبد، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، قال ابن كثير في تفسيره: فإن الله قد وضع الحرج في الخطأ، ورفع إثمه، كما أرشد إليه في قوله آمرًا عباده أن يقولوا: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة:286]، وثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: قد فعلت". وفي صحيح البخاري، عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب، فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ، فله أجر". وفي الحديث الآخر: "إن الله رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما يكرهون عليه". وقال ها هنا: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا}. أي: وإنما الإثم على من تعمد الباطل، كما قال تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}. اهـ.

ولا يلزمك حق مالي تجاه أصحاب البرنامج هذا، ما دام صنعيك لم يتسبب في ضرر مادي عليهم -كما هو الظاهر من سؤالك-.

وإن أحببت الإمعان والمبالغة في الاحتياط لذمتك، فيمكنك التحلل، وطلب العفو من القائمين على برنامج التفسير هذا -ولا يُظن بهم إلا أنهم سيعفون-.

وإن كنت تستطيعين تدارك الأمر وحذف الكتاب ممن أرسلته لهم، فافعلي. وراجعي للفائدة الفتوى: 413896.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني