الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

منذ يومين سألني أخي عن رغبتي في الذهاب معه ومع أصدقائه للسفر إلى Niagara falls في كندا، وقد ترددت في البداية؛ لأني أعلم أنهم سيستمعون للأغاني، ويدخنون، فقلت له: لن أذهب، ثم حزن، وقال: إذن سنلغي السفر؛ فضعفت، ووافقت، وظننت أني إذا وضعت السماعات، واستمعت إلى المحاضرات الدينية أو القرآن، فلن يكون عليّ إثم، وفي الطريق ندمت على موافقتي؛ لأنني شعرت أنني أخادع نفسي، وأيقنت أن خروجي من الأساس كان خطأ كبيرًا، فقد استمعوا للأغاني ودخنوا، ومنهم من إذا غضب سبّ الدِّين، أو الله -والعياذ بالله-، وكانوا يغازلون الأجنبيات.
ومع قوله تعالى: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} أيقنت أنني ومع حرصي على عدم سماع الأغاني بوضعي السماعات، وغض بصري قدر المستطاع، فأنا مثلهم، عليّ من الآثام كما عليهم؛ لأنني جالستهم.
والشق الثاني من السؤال هو أننا عندما كنا في الطريق ذكروا أن صوت Siri في جهاز الآيفون أحلى من صوت Google assistant في أجهزة Samsung، فقلت لهم: لا تحكموا على الأصوات، وذكرت لهم موقفًا حصل لي، وأنا نادم والله لأنني قلته، فقلت لهم: أنا أعرف شخصًا (كنت أتكلم عن نفسي، ولكني لم أرد أن أفضح نفسي بعد أن سترني الله) كان على علاقة محرمة مع فتاة أحبها من صوتها دون أن يرى صورتها الحقيقية، وعندما رآها كاد أن يغمى عليه من شدة قبحها. ومن جهلي وغبائي ذكرت اسمها؛ لأنني لم أكن على يقين أنها مسلمة؛ بسبب لبسها الفاضح، فكان أحد أصدقاء أخي يعرفها، وصدمت عندما تيقنت أنها مسلمة؛ لأنني أعرف شدة قبح الغيبة، وأنا في العادة لا أغتاب أحدًا -ولله الحمد-، ودائمًا ما أنهى الناس عن غيبة المسلمين.
وأنا الآن نادم؛ لأني اغتبتها، ولا أعرف كيف أكفّر عن كل الذنوب التي ذكرتها لكم؛ حتى أني أصبحت أتمنى الموت بسببها، وأنا شديد الرجاء بربي أن يغفر لي، ويأتيني وسواس القنوط من رحمة الله، ولكني لا ألتفت إليه، فما نصيحتكم لي؟ وكيف أكفّر عن كل تلك الموبقات التي فعلتها؟ وإذا طلبوا مني الخروج مرة أخرى فهل أرفض؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل أن يغفر ذنبك، وأن يتجاوز عنك.

والرفقة التي وصفتها رفقة سوء، لا ينبغي أن تصحبها، ولا أن تسافر معها.

والواجب عليك هو التوبة إلى الله مما فعلت من غيبة، وشهود مجالس المنكر.

وأما كيفية التوبة: فقد بينها النووي بقوله: قال الأصحاب: التوبة بين العبد وبين الله تعالى، والتي يسقط بها الإثم، هي:

أن يندم على ما فعل، ويترك فعله في الحال، ويعزم أن لا يعود إليه.

وأما الغيبة إذا لم تبلغ المغتاب، فرأيت في فتاوى الحناطي أنه يكفيه الندم، والاستغفار.

وإن بلغته، أو طرد طارد قياس القصاص والقذف فيها، فالطريق أن يأتي المغتاب، ويستحل منه.

فإن تعذر لموته، أو تعسر لغيبته البعيدة، استغفر الله تعالى، ولا اعتبار بتحليل الورثة، هكذا ذكره الحناطي، وغيره. اهـ. من روضة الطالبين.

وراجع للفائدة، الفتاوى: 341662، 388357، 23256، 5450.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني