الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإعراض عن مجاراة السفيه أفضل

السؤال

كان هناك حوار بيني وبين بنت، وأنا أيضا بنت، وكانت إحدى النساء قد قالت: إن أكبر وأحسن إنجاز للسيدة أنها كذا وكذا (أشياء في البيت)، فقامت هذه الفتاة بوصفها بـ (المهلبية). فقلت لها إن المهنة الأولى للمرأة هي البيت، ثم يأتي عملها بضوابط شرعية. وإذا كان زوجها قادرا على مصاريف البيت، وأمرها أن تجلس في البيت، فواجب عليها أن تطيعه، وتجلس. فاتهمتني بأني لا أفهم شيئا، وأحسست بالسخرية في كلامهن، مع أني قلت لهن أسماء شيوخ يقولون عن المرأة، ودورها العظيم؛ لكي يشعرن بأن عمل البيت ليس ذلًّا أو مهانة. وقلن: إن أمثالي هن اللاتي يجعلن الشباب يقولون: إن مكاننا المطبخ. وهي تقول لي: إذًا لماذا تتعلم الفتاة الخمس، والست، والسبع سنين؟ قلت لها الكلام أيضا الذي فوق وزيادة: أن لو كانت المسلمات بحاجة إلي عملها في هذا المجال أكثر من الرجال، وذلك في بعض الأعمال إذًا تنزل للعمل.
وعندما اشتدت السخرية، وصفتهن بعدم التدين، والجهل في الدين، واتباع الهوى، وأن هذه الحركات النسوية تهدم ما أمره الله للمرأة، ووصفنني في هذا أن كلامي هو الذي يجعل الرجال يتسلطون علينا، وأني أحرم وأحلل. والله يعلم أني أبدا ما قلت هذا حلال أو حرام في حديثي، بل الذي قلته هو ما كتبته الآن.
وقالوا: كيف تحكمي علينا بأننا لم نقرأ في الدين، بل نحن أحسن منك في الدين، فقلت لهن: لو كان هذا، ما كان هناك هذا الجدال. وجهة نظرهن أن ليس من أكبر إنجازات المرأة أن يعجب زوجها بأكلها، أو أن تنظف وتمسح، ومن وجهة نظري أن هذا عمل سام، تؤجر عليه، وليس فيه ذل، أو مهانة، أو احتقار، ولا داعي للعمل، ولكن يجب أن يكون البيت هو الأولوية الأولى في حياتها، وأن هذا العمل في البيت لم تؤمر به المسلمة ، لكن أليس من المفترض أن ينظف البيت؟ أنا لا أفهم. وقولهن: للمرأة أن تعمل، وأنا أقول هذا جميل، ولكن بشروط، فتنزل للعمل تحت أسباب معينة، وبضوابط. أنا عرضت الأمر بحيادية.
الآن ما يهمني: كيف أكفر عن وصفي لأحد بعدم التدين، وجهله في الدين، ويمكن أن يكون هو أفضل عند الله مني؟ أنا أشعر بالذنب لأني قلت هذا لهن، أو أن ينفرن من الدين بسبب ما قلته، لأنهن يقلن إن كلامي هذا ليس موجودا في الدين، بل أنا أبتدع، ولا أفهم شيئا في الدين. أشعر بالذنب، فماذا أفعل كي يغفر الله لي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال -كما ذكرت- فالذي يظهر لنا –والله أعلم- أنّك لست آثمة بوصفك هؤلاء النسوة بضعف التدين والجهل بالدين، ولا سيما إذا كانوا قد سخروا منك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: فَمَتَى ظَلَمَ الْمُخَاطَبُ لَمْ نَكُنْ مَأْمُورِينَ أَنْ نُجِيبَهُ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. انتهى من مجموع الفتاوى.

وإن كان الأولى الإعراض عن مجاراة مثل هؤلاء في الجدال، والحرص على الكلام الطيب.

قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: إذا سفه عليهم سفيه، وكلمهم بما لا يليق بهم الجواب عنه، أعرضوا عنه، ولم يقابلوه بمثله من الكلام القبيح، ولا يصدر عنهم إلا كلام طيب. انتهى.

وإذا أردت الاحتياط؛ فاستغفري الله، وتوبي إليه، وأليني الكلام لهؤلاء النسوة، تأليفا لقلوبهن، وإعانة لهن على قبول الحق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني