الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب على الولد عند الشك في إخراج أبيه الزكاة عنه

السؤال

يبلغ أبي من العمر 72 عامًا، وقد اعتاد هو وأمّي -رحمها الله- قبل ثلاثين عامًا أو أكثر أن يقوما بإخراج زكاة أموالهما وأموالنا أيضًا في رمضان، وقد كان أبي يفوّض أمّي في أمر حساب الزكاة وإخراجها، وكانت تخبره بالمبلغ المستحق ليقوما بتجهيزه، ثم يترك لها أمر إخراجه بما تراه هي، ثم فضّلت أمّي -وفقًا لما يتذكره أبي- أن ترحّل إخراج الزكاة إلى رمضان؛ لما سمعا عنه من فضل إخراج الزكاة فيه، وقامت أمّي بعمل عملية حسابية ما -لا يعلم أبي طبيعتها- تم على إثرها ترحيل موعد الزكاة إلى رمضان.
وكيفية إخراجهما لها: أنهما كانا عند حلول شهر رمضان من كل عام يقومان بتسجيل رصيدهما من الأموال في ذلك الشهر، مع تحديثه بما يستجد خلال الشهر، وعند حلول رمضان من العام التالي يقومان بإخراج الزكاة في أي يوم من أيام رمضان عن الرصيد الذي تم تسجيله في رمضان السابق، وليس عن الرصيد وقت إخراج الزكاة، الذي ربما يكون قد زاد أو نقص عن رصيد العام السابق، ولم يكن أبي وأمّي يعلمان أن إخراج الزكاة لا بد أن يتم في نفس يوم بلوغها النصاب من العام التالي؛ أي أن الأمر محدد باليوم وليس بالشهر، بالإضافة إلى ذلك فقد قام والدي بفتح حساب لي في فرع إسلامي لأحد البنوك -وقت وفاة أمّي قبل نحو 15 عامًا- حينما كنت أبلغ من العمر 24 عامًا، ووضع بعض المبالغ فيه تباعًا، وقد كنت بعيدًا عن الاهتمام بمتابعة إخراج الزكاة عن تلك الأموال، ولم أكن أعلم شيئًا عن إخراج زكاتها؛ معتمدًا على أبي تمامَ الاعتماد في متابعة تلك الأمور المادية، وأبي الآن لا يتذكر أي شيء بخصوص كونه كان يخرج زكاة تلك الأموال الخاصة بي أم لا، علمًا أنه إذا كان قد أخرجها، فسيكون قد أخرجها من أموال أخرى، وليس من رصيدي أنا؛ لأن دفتر التوفير الخاص بي عن تلك الفترة لم يظهر سحب أية مبالغ وقت حلول موعد الزكاة، أو حتى بعده بأشهر، كما أنني أخاف من أن يكون عدم متابعتي للأمر وقتها يعني أنه لم تكن تتوفر لديَّ النية لإخراجها قبل أن تخرج، والنية شرط للعبادة، كما تعلمون، فما الواجب عليَّ وعلى أبي في هذه الحالة؟ وهل هناك أموال يجب أن تخرج عن أمّي المتوفاة أيضًا؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد وقع أبوك وأمك في بعض الأخطاء، منها: تأخير موعد إخراج الزكاة، وذلك غير جائز، فالمشروع هو إخراج الزكاة في موعدها، ويجوز تعجيل إخراجها، وأما تأخيرها: فلا يجوز، ولو إلى رمضان، وانظر الفتوى: 129871.

ثم قد كان الواجب عليهما معرفة الوقت الذي بلغ فيه المال نصابًا، وإخراج الزكاة بعد حولان الحول على هذا النصاب.

وأما ما يستفيدانه من مال في أثناء الحول، ففي زكاته تفصيل، انظره في الفتوى: 136553.

وأما أنت فما دمت متيقنًا من عدم إخراجك الزكاة، وكنت شاكًّا في إخراج أبيك لها، فالواجب إخراجها عن جميع السنين الماضية؛ لأنها واجبة في ذمتك، ولا تبرأ ذمتك إلا بيقين إخراجها، وتنظر الفتوى: 77659.

ولمعرفة كيفية حساب الزكاة عن السنين الماضية، تنظر الفتوى: 121528.

وإن كان أبوك قد أخرج عنك الزكاة بغير نية منك، فهذا لا يجزئ عند أكثر العلماء، ويرى بعض العلماء الإجزاء، وهو ترجيح الشيخ ابن عثيمين، ولا حرج في العمل بهذا القول، لكن هذا حيث تيقنت أن أباك قد أخرجها عنك، وأما مع الشك فالواجب إخراجها، كما ذكرنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني