الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل قول الزوج لوالد زوجته: (سأنظر في أمر زوجتي) يعد إرجاعًا لها؟

السؤال

امرأة مضى على طلاقها أكثر من سنة، جاء زوجها إلى والدها وقال: سأنظر في أمر زوجتي عندما أطلق زوجتي الثانية، وقد طلقها وهو معها في المحكمة، علمًا أنه عندما تحدث إلى والدها كانت ما زالت معتدة، وهو لا يعلم؛ لأنها مرضع، فهل قوله تصريح بإرجاعها؟ وهل المرأة في عصمته؟ وهل تأثم إذا لم تخبره بأنها ما زالت في العدة؟ وهل يسقط عنها المهر، وحق رفض الرجوع والاشتراط؟ مع العلم أنه منذ أن طلقها لم تره، أو تتحدث معه؟ وهل يلزم معرفة سبب الطلاق، لإلقاء الحكم؟ أفيدوني -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا طلق الرجل زوجته، وهي لا تزال في عدتها، فله رجعتها من غير عقد جديد، رضيت الزوجة أم لم ترضَ؛ لقوله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا {البقرة:228}.

فإن لم يرجعها حتى انقضت عدتها؛ بانت منه، وخرجت عن عصمته، فلا يحل له رجعتها إلا بعقد جديد.

وسبق أن بينا الكيفية التي تحصل بها الرجعة، فيمكن مراجعة الفتوى: 30719.

وغاية ما في قول الزوج: (سأنظر في أمر زوجتي...) أنه وعد بالرجعة، وليست رجعة حقيقة، فلا تصح به الرجعة.

وإذا انتهت عدتها قبل أن يرتجعها، كان لها حقوق المطلقة، ومنها المهر، ولمعرفة حقوق المطلقة، تراجع الفتوى: 8845.

ولا يلزم الزوجة ابتداء أن تخبر زوجها بأنها لا تزال في عدتها، ولكن إن رغب في رجعتها، لم يحلّ لها أن تتستر على حال رحمها؛ للإضرار بزوجها، قال تعالى: وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ {البقرة:228}، قال القرطبي في تفسيره: ومعنى النهي عن الكتمان، النهي عن الإضرار بالزوج، وإذهاب حقه، فإذا قالت المطلقة: حضت، وهي لم تحض، ذهبت بحقه من الارتجاع. وإذا قالت: لم أحض، وهي قد حاضت، ألزمته من النفقة ما لم يلزمه، فأضرّت به. أو تقصد بكذبها في نفي الحيض، ألا ترتجع حتى تنقضي العدة، ويقطع الشرع حقه، وكذلك الحامل تكتم الحمل؛ لتقطع حقه من الارتجاع. اهـ.

ولا ندري وجه ذكر حق رفض الرجوع والاشتراط، ولكن كما علمت أنها ليس لها الامتناع عن الرجعة ما دامت في عدتها، إن رغب الزوج في ذلك.

وإن خرجت من عدتها دون ارتجاع، كانت كغيرها من الأجنبيات بالنسبة له، لها أن ترفضه، ولها أن تشترط إذا أرادت.

ولم نفهم أيضًا ما تعنين بقولك: "هل يلزم معرفة سبب الطلاق لإلقاء الحكم؟".

وإذا كان هنالك نزاع، فينبغي الرجوع للمحكمة الشرعية، فهي أحق بالنظر في ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني