الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعامل مع البنوك من أجل بناء مسكن للعائلة

السؤال

نحن عائلة نعيش في العراق، مكونة من أمّي وأبي وإخواني الثلاثة، وأنا متزوج، ولديَّ طفلان، وأخي التوأم متزوج أيضًا، ولديه طفل، وأحد إخواني معاق جسديًّا، وأنا موظف، وراتبي 500 دولار شهريًّا، وأخي مهندس، وراتبه ألف دولار شهريًّا، وأبي متقاعد، وراتبه 500 دولار شهريًّا، ولا نملك بيتًا خاصًّا بنا؛ لذلك نسكن في بيوت الإيجار، وهذا حالنا منذ أكثر من عشر سنوات، وندفع في الشهر 400 دولار للإيجار، بالإضافة إلى تغطية مصاريف البيت من مواد غذائية لأحد عشر شخصًا، وندفع للكهرباء الاحتياطية الأهلية (المولدات) ما يقارب المائة دولار شهريًّا، وندفع لخدمة الإنترنت 40 دولارًا شهريًّا تقريبًا، والكثير والكثير من المصاريف الأخرى.
ونحن -والحمد لله- راضون بما قسمه الله لنا، ولا نقبل بعمل أيِّ شيء لا يرضي الله سبحانه، وملتزمون دينيًّا قدر المستطاع، لكن الإيجارات أهلكتنا، خصوصًا في بلدنا، وظروفه المعيشية الصعبة، بالإضافة للظروف التي نعيشها حاليًّا بسبب الفيروس المنتشر، فهل يجوز الاقتراض من المصارف بالفائدة لغرض بناء بيت؟
للتوضيح: المصرف سيعطينا 20 ألف دولار، وثمن قطعة الأرض السكنية وحدها 30 ألف دولار، أي أننا يجب أن نضيف على المبلغ المقترض لنشتري قطعة الأرض فقط، ولكي نقوم ببنائها فسنحتاج إلى 41 ألف دولار، ومن المستحيل علينا توفير كل هذه الأموال دون اقتراض مبلغ من المصرف، فنأخذ 20 ألفًا من المصرف، و6 آلاف دولار من أقربائنا؛ لكي نشتري قطعة الأرض، ثم نقوم ببنائها -إن شاء الله- بنظام الأقساط الشهرية، وفي البداية سندفع ربع المبلغ (41 ألف دولار)، والباقي أقساطًا، وقد تقولون لي: لماذا لا تستدينون من أقربائكم، وتتركون المصرف؟ والجواب هو: من منهم يملك 20 ألف دولار؟ والذي يملك هذا المبلغ فمن المستحيل أن يعطيه لأحد، لكن 6 آلاف دولار ممكنة وسهلة، وتكاليف البناء بالتقسيط مثل ما ذكرت، فما الحل -بارك الله فيكم-؟ والله يشهد علينا أننا سنقترض من أجل بناء بيت فقط، لا من أجل أيِّ شيء، ووالله إننا لو قدرنا على عمل شيء آخر لما فكرنا في هذا، لكن ظروفنا صعبة في هذا البلد، ونحن لا نملك حتى بيتًا، وتعبنا من الإيجارات.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ييسر أمركم، وأن يفرّج كربكم، وأن يؤتيكم من لدنه رحمة، وأن يهيئ لكم من أمركم رشدًا.

وأما مسألة التعامل مع البنوك من أجل بناء مسكن للعائلة، فلا حرج فيه، إذا كان البنك الذي تريدون التعامل معه من البنوك الإسلامية، وانضبطت المعاملة التي ستجرونها معه بالضوابط الشرعية، وفي العراق بنوك إسلامية يمكنكم التعامل معها في ذلك.

وأما الاقتراض بالربا، والتعامل مع البنوك الربوية؛ فلا يجوز، ولا سيما لمن يجد بنكًا إسلاميًّا تندفع به حاجته، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: ... ويحرم التعامل مع البنوك الربوية في جميع المعاملات المحظورة شرعًا. ويتعين على المسلم التعامل مع المصارف الإسلامية، إن أمكن ذلك؛ توقيًا من الوقوع في الحرام، أو الإعانة عليه.

ثالثًا: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني