الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وعقوبة من يأكل الميتة ولحم الخنزير

السؤال

هل أكل لحم الخنزير أو الميتة من الكبائر أم الصغائر؟ هل لآكل اللحم الحرام حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد عد بعض الفقهاء أكل الميتة، وأكل لحم الخنزير من الكبائر، واستدل عليه بأن الله تعالى سماها فسقا، وما كان كذلك فهو من الكبائر، وليس على آكل هذه حد في الدنيا، وإنما يعزره ولي الأمر بما يراه رادعا لمثله، ولم يرد بحسب اطلاعنا وعيد مخصوص في الآخرة لمرتكب هذه الذنوب.

وممن عد تلك من الكبائر الفقيه ابن حجر المكي الشافعي، فقد قال في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر:

(الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: الْمَسْفُوحُ أَوْ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ أَوْ الْمَيْتَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا فِي غَيْرِ مَخْمَصَةٍ) قَالَ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3] وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} .انتهى ، ثم قال بعد تفسير هذه المحرمات ما عبارته : تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ هُوَ ظَاهِرُ الْآيَتَيْنِ الْكَرِيمَتَيْنِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا فِسْقًا إذْ قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3] يَرْجِعُ لِلْجَمِيعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا. وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ إنَّهُ يَرْجِعُ لِمَا وَلِيَهُ فَقَطْ، فَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، إذْ الْقَاعِدَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي الْأُصُولِ قَاضِيَةٌ بِرُجُوعِهِ لِلْكُلِّ، فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ بِالْبَعْضِ. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني