الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سكن الشاب مع فتاة في حجرتين مستقلتين إذا اتحدت المرافق

السؤال

أعيش في الخارج للدراسة، ووجدت حجرة للإيجار، ثم عاش في نفس المنزل في حجرة أخرى طالبة مسلمة، ونحن نشترك في خدمات المنزل العامة، وبمرور الأيام انجذبت لي شيئًا فشيئًا؛ حتى أصبحت تنتظر متى أحضر الطعام لتحضر معي، وهكذا، وبمرور الأيام أصبحت تمشي مسرعة خلفي لتلحقني قبل أن أغلق باب حجرتي، وكنت أجري مسرعًا، وأغلق الباب أحيانًا، وأحيانًا أخرى أجرها خارج حجرتها، وألقيها في الخارج، وأحيانًا أرميها على كرسي، وأجري، وتطوّرت الأمور إلى دخولها حجرتي، وأخذ مفتاح الحجرة، أو أحد أغراضي؛ حتى لا أترك المكان العام بالبيت لأدخل حجرتي، وزاد الأمر إلى أن دخلت حجرتي، ونامت بجواري على سريري، وأخذت في تقبيلي، ولمس كامل جسدي، والاستلقاء عليّ، وهذا كل ما حدث، ولم يحدث أمر آخر، ثم هجرتها، وحذرتها ألا تفعل ذلك مجددًا، وأن تستغفر الله، وألا تلجأ إليّ في أي أمر، وألا تتحدث معي.
واستمر هذا الوضع مدة أسبوعين دون أن يرى أحدنا الآخر، إلى أن جاءت بالأمس، وأخذت تبكي بكاء شديدًا، وتتلفظ بكلمات -كافتقدتك، أرجوك لا تتركني، تزوجني، لا أستطيع أن أعيش بدونك، وما إلى ذلك-، وأنا لا أريدها زوجة على الإطلاق، وأبلغتها بذلك، فأخذت تبكي، وتلقي نفسها على الأرض، وكانت في حالة انهيار، فنصحتها أن تطلب من أسرتها إيجاد زوج مناسب لها، فألقت نفسها بين ذراعيّ، وأخذت تقبّلني، وتفعل مجددًا مثل ما حدث في اليوم الذي ذكرته سابقًا.
أنا الآن خائف جدّا من الله تعالى، وأستغفر الله في كل صلاة، وأريد مشورتكم فيما يجب عليَّ أن أفعله، وفي توضيح موقفي من هذا كله، وهل من ذنوب عليّ؟ وإن كان ذلك، فكيف أكفّر عن ذنبي؟ أرجوكم أعطوني الإجابات الوافية، وأشكركم جزيلًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإننا أوَّلًا نسأل الله تعالى أن يحفظك، ويحفظ لك دِينك، ويجنّبك الفواحش، والفتن ما ظهر منها وما بطن، ونوصيك بكثرة الدعاء.

ولا شك في أن هذه الحال التي أنت فيها من الخطورة بمكان؛ فالسكنى التي أنت عليها تقتضي اختلاطًا محرمًا، أو خلوة، ونحو ذلك، وهذا ما عرّضك ويعرّضك للفتنة والانحراف، وخاصة في تلك البلاد التي أنت فيها، حيث توجد الحريات الزائفة، والمغريات، والشهوات.

وما ذكرت من تصرفات هذه الفتاة وجرأتها عليك، خير دليل على ذلك.

ويبدو أنك قد حدث منك تهاون معها فيما كان من الاختلاط بها، واللمس، والتقبيل، والاحتضان، ونحو ذلك:

فإذا كان الأمر كذلك، فلا شك في أنك مفرط وآثم، فتجب عليك التوبة النصوح، وشروط التوبة، بيناها في الفتوى: 5450.

والواجب عليك الاجتهاد في البحث عن مسكن آخر، تأمن فيه الفتنة، فإن وجدته، فالحمد لله، وإن لم يتيسر لك، واضطررت للسكنى في هذا المكان، فاتخذ من الاحتياطات ما يمنعك من الوقوع في الفتنة، مع الاستمرار في البحث عن مسكن آخر.

وعليك بالحزم مع هذه الفتاة، وتهديدها برفع أمرها للجهات المسؤولة؛ فلعها تكفّ عنك شرّها.

ونوصيك في الختام بالبحث عن امرأة صالحة للزواج منها، واجتهد في التوفيق بين الدراسة والبحث عن عمل تنفق منه على نفسك وأهلك، ولعل الله يبعث لك من أسباب الرزق ما لا يخطر لك على بال؛ فالزواج من أسباب الغنى؛ بدلالة كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما سبق بيانه في الفتوى: 7863.

وفي نهاية المطاف: إن وجدت سبيلًا تأمن به الفتنة، فالحمد لله، وإلا لم تجز لك الإقامة في تلك البلاد، فتجب عليك الهجرة منها، وانظر الفتوى: 246922.

ويمكنك البحث عن بلد مسلم تتمكن فيه من إكمال دراستك -نسأل الله تعالى لك التوفيق-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني