الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أكل السوس الذي يوجد في التمر

السؤال

أسألكم عن ماهية السوس الدي يوجد أحيانا بالتمر، وهل هو طاهر أم نجس؟ ثم إن كان طاهرا هل يجوز أكله؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعــد:

فالسوس مما لا نفس له سائلة (أي لا دم له سائل) وهو في حال الحياة طاهر أما في حال الموت فقد ذهب الجمهور إلى طهارته وذهب الشافعية إلى نجاسته.

قال النووي في المجموع: "وأما الحيوان (أي مما لا نفس له سائلة) ففيه طريقان:

أحدهما أن في نجاسته القولين إن قلنا: نجس نجس الماء وإلا فلا، وهذا قول القفال.

والثاني: القطع بنجاسة الحيوان، وبهذا قطع العراقيون وغيرهم، وهو الصحيح لأنه من جملة الميتات، ومذهب مالك وأبي حنيفة أنه لا ينجس بالموت دليلنا: أنه ميتة وإنما لا ينجس الماء لتعذر الاحتراز منه."

وقال ابن قدامة في المغني: "وكل ما ليس له دم سائل: كالذي ذكره الخرقي من الحيوان البري، أو حيوان البحر، منه العلق والديدان، والسرطان، ونحوها، لا يتنجس بالموت، ولا يتنجس الماء إذا مات فيه، في قول عامة الفقهاء، قال ابن المنذر: لا أعلم في ذلك خلافا، إلا ما كان من أحد قولي الشافعي، قال فيها قولان: أحدهما: ينجس قليل الماء، قال بعض أصحابه: وهو القياس الثاني: لا ينجس وهو الأصلح للناس فأما الحيوان في نفسه فهو عنده نجس، قولاً واحداً؛ لأنه حيوان لا يؤكل لا لحرمته، فينجس بالموت، كالبغل والحمار".

وأما عن أكل سوس التمر ونحوه فذهب الحنفية إلى أنه لا يجوز أكل الجبن أو الخل أو الثمار بدودها إذا نفخ فيه الروح.

قال ابن عابدين: "لا بأس بدود الزنبور قبل أن ينفخ فيه الروح لأن ما لا روح له لا يسمى ميتة... ويؤخذ منه أن أكل الجبن أو الخل أو الثمار كالنبق بدوده لا يجوز إن نفخ فيه الروح". ا.هـ

وقال المالكية: إذا كان الدود ونحوه تولد في الطعام (أي عاش وتربى فيه) سواء أكان فاكهة أم حبوباً أم تمراً، جاز أكله معه، قل أو كثر، مات فيه أو لا، تميز أو لم يتميز.

قال الدردير في شرحه على أقرب المسالك: (وأكل دود): أي وجاز كل ما تولد في (الفاكهة) والحبوب والتمر من الدود والسوس (معها) أي مع الفاكهة ونحوها (مطلقاً) قل أو كثر مات فيها أولا ميز أولا.

وقال الشافعية والحنابلة: يحل أكل الدود المتولد في طعام كخل وفاكهة بشروط.

قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (وكذا) يحل (الدود المتولد من الطعام) وإن ألقي، وكان تولده منه بعد إلقائه كما هو ظاهر خلافاً للزركشي، لأن إلقاءه، وتولده منه حينئذ لا وجه لكونه سبباً في تحريمه، ولا نجاسته، إذ غايته أنه كلحم نتن، وقد صرحوا بحل أكله (كخل وفاكهة)، ومثله نحو التمر، والحب (إذا أكل معه)، ولو حياً يعني إذا لم ينفرد، وآثر ذلك، لأن الغالب في غير المفرد أنه يؤكل معه (في الأصح) لعسر تمييزه عنه)

وقال ابن قدامة في المغني: ويجوز أكل الأطعمة التي فيها الدود والسوس كالفواكه والقثاء، والخيار، والبطيخ، والحبوب، والخل إذا لم تقذره نفسه، وطابت به، لأن التحرز من ذلك يشق.

ويجوز أكل العسل بقشه وفيه فراخ؛ لذلك، وإن نقاه فحسن، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتي بتمر عتيق فجعل يفتشه، ويخرج السوس منه وينقيه وهذا أحسن.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني