الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب طاعة الوالدين فيما فيه مشقة إذا ترتّب على المخالفة زيادة مرضهما؟

السؤال

لا شك أن الإضرار بالوالدين أو أحدهما عقوق، ولو لم ينهيا عنه، فإذا كانت الأُمّ لديها حساسية في الوجه، تسبب لها حبوبًا حمراء، تجعلها تحكّ وجهها، والحكة تزداد حينما تغضب أو تقلق، ونحو ذلك، فإذا أمرت ولدها بأمر قد لا تجب الطاعة فيه في الأصل -كأمرها بالزواج من واحدة لا يرغب فيها الابن، أو لبس لباس لا يريده، أو نحو ذلك، أو ترك التفرغ لطلب العلم المستحب والانشغال بالعمل وجمع الأموال-، فهل هذه الحساسية التي لديها تجعل الطاعة واجبة فرضًا؛ حتى يتجنب أن تزداد الحساسية التي لديها، وأن لا تغضب، وإن كانت طاعتها توجب المشقة الكبيرة عند الابن في الأمور المذكورة آنفًا؟ وكيف يتصرف؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فطاعة الوالدين واجبة فيما ينفعهما، ولا يضرّ ولدهما.

أمّا إذا أمرا الولد بما يعود عليه بالضرر، أو أمراه تعنُتًا بما لا منفعة لهما فيه، ولا غرض صحيح؛ فلا تجب طاعتهما حينئذ، وراجع حدود طاعة الوالدين في الفتوى: 76303، والفتوى: 272299.

وعليه؛ فما تأمرك به أمك، أو تنهاك عنه لغرض صحيح، وليس فيه ضرر عليك؛ فالواجب عليك طاعتها فيه.

وأمّا ما يعود عليك بالضرر، فلا تجب عليك طاعتها فيه، ولو ترتب على مخالفتك لها حصول الأذى بسبب مرضها.

لكن عليك الاجتهاد في برّها، والسعي في استرضائها بما تقدر عليه من غير ضرر، مع خفض الجناح، ولين الكلام.

وأمّا إذا لم يكن على الولد ضرر؛ فالظاهر -والله أعلم- وجوب طاعتهما فيما أمراه به، ولو لم يكن في الأصل مما تجب فيه الطاعة؛ مراعاة لما يحصل لهما من الضرر بسبب مخالفته، وراجع الفتوى: 272239.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني