السؤال
إذا أراد الإنسان أن يبتعد عن الذنوب، فإنه يدعو الله -عز وجل- أن يبعد عنه الذنب.
السؤال: إذا كان الإنسان في كل ذنب يرفع يده إلى الله -عز وجل- ليبعده عنه. فما فائدتي أنا؟ وما قيمتي في الدنيا والحياة، إذا كان كل ذنب سوف يبتعد بأمر الله -عز وجل-؟
2) إذا دعوت الله -عز وجل- أن يبعد عني ذنبا معينا، واستجاب الله -عز وجل- لي. هل آخذ ثواب البعد عن هذا الذنب، أم أن الله -عز وجل- هو الذي أبعد عني الذنب، فلا آخذ شيئا؟
3)هل ندعو الله -عز وجل- أن يبعد عنا كل الذنوب، أم أن الإنسان يدعو الله -عز وجل- في الذنوب التي لا يستطيع البعد عنها، وما يستطيع البعد عنه منها فلا يدعو؟
وجزاكم الله -عز وجل- خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك هذا ناشئ من عدم تصورك الصحيح لعلاقة القدر بالدعاء، فاعلم أن الدعاء من جملة الأسباب التي أمر العبد بالأخذ بها، وأنه سبب عظيم لإصلاح حال العبد في معاشه ومعاده.
وسؤال الله الهداية والتثبيت على الحق، من أعظم المقاصد، ولذا افترض الله عز وجل على العباد أن يقولوا في كل ركعة من ركعات الصلاة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ {الفاتحة:6}.
وهذا لا ينفي أن للعبد مشيئة وإرادة وقدرة بها تقع أفعاله، حتى يكون مسؤولا عنها مؤاخذا بها، فمن سأل الله الهداية، فهو مأجور لسؤاله الهداية. ثم إن أدركه توفيق الله وهداه ربه، فهو مأجور على ما يفعله بإرادته واختياره وقدرته من الأعمال.
وإذا سأل الله أن يبعده عن المعاصي؛ فهو مأجور، ثم هو مأجور على ابتعاده عنها الكائن بإرادته واختياره وقدرته، فلا تعارض بين دعائه وبين إثابته على ما يفعله بإرادته وقدرته.
ومن ثم، فإننا ندعو الله أن يجنبنا المعاصي صغيرها والكبير، ونعلم أنه لا توفيق لنا إن لم يوفقنا تبارك وتعالى، ونعلم كذلك أننا مأجورون على ترك تلك المعاصي ما دام ذلك بإرادتنا واختيارنا.
وكون الله تفضل عليك وأبعد عنك الذنب، لا ينافي أن تثاب على ما فعلته باختيارك، كما أن الله هو الذي وفقك للصلاة مثلا، وللصيام، ولسائر الطاعات. وهو الذي بمنه قبلها منك وأثابك عليها، فالله هو الخالق لأفعال العباد، المقدر لكل شيء، والعبد فاعل حقيقة بقدرته التي خلقها الله عز وجل له، ومشيئته التي أوجدها الله عز وجل فيه.
والله أعلم.