الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شراء: "صائدة الأحلام" وتعليقها في البيت

السؤال

أرجو أن أعرف ما حكم شراء: "صائدة الأحلام" لديكور الغرفة، أو للزينة كالإكسسوارات؟
جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن أصل ما يسمى بـ" صائدة الأحلام" كما يذكر في وصفها: أنها من تقاليد السكان الأصليين لأمريكا، وهي عبارة عن إطارٍ دائري، وفي داخله شبكة تشبه شبكة العنكبوت، تتدلى منه بعض الخيوط المُزيّنة بالخرز والريش.
تهدف -في زعم أصحابها- إلى حماية الأشخاص أثناء نومهم من الأحلام السيئة، في حين تسمح للأحلام الجيدة فقط بالمرور من خلالها.

وهي بهذا لها حكم التمائم، فلا يجوز تعليقها لغرض جلب النفع؛ لأنه لم يثبت شرعا ولا بالتجربة أنها سبب لمنع الأحلام المزعجة، فتعليقها لهذا الغرض من الشرك الأصغر.

قال ابن عثيمين: ولبس الحلقة ونحوها: إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله; فهو مشرك شركا أكبر في توحيد الربوبية; لأنه اعتقد أن مع الله خالقا غيره.

وإن اعتقد أنها سبب، ولكنه ليس مؤثرا بنفسه; فهو مشرك شركا أصغر؛ لأنه لما اعتقد أن ما ليس بسبب سببا; فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب، والله تعالى لم يجعله سببا.

وطريق العلم بأن الشيء سبب:

إما عن طريق الشرع، وذلك كالعسل: {فيه شفاء للناس}، وكقراءة القرآن فيها شفاء للناس، قال الله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}.

وإما عن طريق القدر، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعا في هذا الألم أو المرض، ولكن لا بد أن يكون أثره ظاهرا مباشرا، كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلا; فهذا سبب ظاهر بين، وإنما قلنا هذا لئلا يقول قائل: أنا جربت هذا وانتفعت به، وهو لم يكن مباشرا; كالحلقة، فقد يلبسها إنسان وهو يعتقد أنها نافعة، فينتفع؛ لأن للانفعال النفسي للشيء أثرا بينا. اهـ. من القول المفيد.

وأما شراؤها وتعليقها لمجرد الزينة، فإن كان الاستعمال الشائع لها في بلدكم مرتبط بالمعنى الشركي (منع الأحلام المزعجة) فينهى عن تعليقها؛ لما فيه من التشبه بمن يعلقها كتميمة، ودرءا لسوء الظن بصاحبها، وسدا لذريعة الشرك.

قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح كتاب التوحيد: إن علق التمائم لدفع الضر، واعتقد أنها سبب لذلك: فيكون قد أشرك الشرك الأصغر.

وإن علقها للزينة فهو محرم؛ لأجل مشابهته من يشرك الشرك الأصغر، فدار الأمر -إذا- على النهي عن التمائم كلها، سواء اعتقد فيها أو لم يعتقد؛ لأن حاله إن اعتقد أنها سبب: فهو شرك أصغر، وإن لم يعتقد، فيكون قد شابه أولئك المشركين، وقد قال عليه الصلاة والسلام: من تشبه بقوم؛ فهو منهم. اهـ.

وأما إن كان الشائع أنها تستعمل لمجرد الزينة، ولا يلتفت إلى المعنى الشركي فيها، فلا يحرم شراؤها وتعليقها لهذا الغرض؛ عملاً بالأصل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني