الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض أمر الأب في إعطاء الأخ لردعه عن استهتاره، هل يدخل في العقوق؟

السؤال

لا أريد أن أطيل في شرح المشكلة؛ لأن بها الكثير من التفاصيل.
لي أخ عاطل باختياره أغلب الأوقات؛ لأنه يريد العمل في مجال معين، لا يقبله فيه أحد، وعليه الكثير من الديون، استدانها من وقت زواجه على رفاهيات، ولا يعطيها أولوية في السداد، ويؤخّر إيجار البيت، ويستدين من البطاقة البنكية ولا يسدّد، فتنزل عليه فوائد، ويستمرّ إلى أن يبلغ الحد الأقصى للبطاقة، وكلما ضاق عليه الأمر، طلب من والدي المال، وبعد غضب وجدال ورفض دائمًا يستجيب والدي في النهاية، وكلنا نصحنا والدي بعدم إعطائه؛ حتى يتعلم من أخطائه، ويرى جزاء عمله، لكن والدي يضعف كل مرة.
وأخي عنده أجهزة قيّمة يمكنه بيعها ليستر نفسه بثمنها، لكنه يرفض، ويقول: إنه يحتاجها، وينفق بسعة كأنه ميسور الحال.
وطلب أخي مالًا من والدي مرة أخرى بسبب تراكم الديون، وفوائد البطاقة البنكية، وتأخر شهور الإيجار، وغيره، ورفض أبي، ويريد الثبات على رفضه، لكنه طلب مني ومن أخواتي وأمّي أن نعطيه نحن بدلًا منه، وهو سيعطينا ما أعطيناه؛ حتى لا يكون هو من أعطاه ورجع في كلامه، وأنا أرى أن هذا يناقض الهدف من عدم إعطائه المال أصلًا، فرفضنا إعطاءه مالًا، ليس لأننا ليس لدينا مال، ولا لأننا لا نريد أن نعطي أخانا، وإنما لأننا نرى أن صلاحه في عدم إعطائه، وفي تحمّل عواقب أفعاله، ولو مرة، فهل عدم طاعتي لأبي فيما يطلبه عقوق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كانت مصلحة ذلك الولد في عدم إعطائه ليكفّ عن استهتاره، وإضاعته المال، وتركه العمل بلا موجب؛ فلا إثم عليكم -إن شاء الله- في معصية أبيكم بعدم إعطائه، ولا يكون ذلك عقوقًا. وضابط ما يجب فيه طاعة الوالد، قد بيناه في الفتوى: 76303.

وينبغي أن تكلموا أباكم بلِين ورفق، وتبيّنوا له المصلحة من ذلك، وتبيّنوا له أنكم لا تبخلون على أخيكم، ولكنكم تريدون استصلاحه بعدم إعطائه.

وعليكم أن تناصحوا أخاكم كذلك، فتبينوا له خطأ ما يفعله، وأنكم إنما تمتنعون من معونته لأجل مصلحته، ولئلا يكون كَلًّا على الناس.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني