الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للوالدين إلزام الابن بنكاح فتاة لا يريدها؟

السؤال

والله إني تعبت يا شيخ . من ثلاث سنوات كنت أعجبت ببنت -ما شاء الله- على دين وخلق، وطلبت من والدي ووالدتي التقدم لخطبتها، ورفضوا؛ لأن لي بنت عم، وهي في نفس الوقت بنت خالتي. أهلي قالوا: أخرج الفكرة من عقلك، وبعدها بعام كررت الطلب، وقالوا ما نغصبك على بنت عمك، لكن ماذا نقول لهم؟ اذهب اخطب لحالك. معك أموال وبيت للخطوبة؟ بشكل قاس.
يا شيخ أنا أنهيت النقاش، ورحلت، وصارت مماطلة في الموضوع حتى خُطِبت البنت، وراحت عليّ. وبعد الأمر هذا بعام أعجبت ببنت غيرها، وأنا عمري الآن قارب السابعة والعشرين، وعرضت الأمر على الأهل، فقال الوالد إني هوائي. كلمة أتعبتني والله، أحسست أني طفل، وهو متعصب وغاضب، وأكثر شيء أتعبهم أني رافض بنت عمي، وقال لي: اذهب اخطب لحالك، وما تفتح الموضوع معي مرة تانية، وليس لي صاحب ولا نصير في الدنيا.
يا شيخ دلني يا شيخ الله يكرمك. الواحد متعب. وهل ممكن آخذ أدوية لعلاج الصراع النفسي، والتفكير الزائد. لا أصدق أن أهلي تفكيرهم هكذا،
إذا الواحد أهله ليسوا معه، فمن يكون معه؟!

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبهك أولًا إلى أنّ لوالديك عليك حقا عظيما، وإن ظلماك أو أساءا إليك، فلا يسقط حقهما في البرّ، والإحسان، والطاعة في المعروف. لكن لا تلزمك طاعة والديك في الزواج من ابنة عمّك، ولا تكون عاقًّا لهما بمخالفتهما في هذا الأمر.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: لَيْسَ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْوَلَدَ بِنِكَاحِ مَنْ لَا يُرِيدُ، وَأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ لَا يَكُونُ عَاقًّا. انتهى من مجموع الفتاوى.

وإذا كنت محتاجًا إلى الزواج، ولا تجد مالا ولا كسبا، وكان أبوك موسرا؛ فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ الواجب على أبيك تزويجك.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وعلى الأبِ إعْفافُ ابْنِه إذا كانت عليه نَفَقَتُه، وكان مُحْتاجًا إلى الإعْفافِ. ذكَرَه أصْحابُنا. وهو قولُ بعْضِ أصْحابِ الشافعِيِّ. وقال بعْضُهم: لا يجبُ ذلك. ولَنا، أنَّه مِن عَمُودَيْ نَسَبِه، وتَلْزَمُه نَفَقَتُه، فيَلْزَمُه إعْفافُه عندَ حاجَتِه إليه، كأبِيه. انتهى.

فبين ذلك لوالديك، وتفاهم معهما بأدب ورفق، حتى يتعاونا معك على تزويجك، وإن احتاج الأمر فوسّط بعض الأقارب، أو غيرهم من الصالحين، ممن له وجاهة عند والديك، ويقبلان قوله، واستعن بالله تعالى، وأكثر من دعائه.

ولا مانع من عرض نفسك على المختصين بالطب النفسي، وأخذ الأدوية المناسبة لك.

وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني