الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من لم تأخذ نصيبها من الأرض الموروثة من قديم وارتفع ثمنها

السؤال

امرأة تطالب بحقها من أرض ورثها إخوتها الرّجال من أبيهم، هذه المطالبة جاءت بعد سبعة وعشرين عاما من وفاة الوالد، أي أنّ المرأة لم تطالب بحقّها إلا بعد أن أصبحت الأرض حدائق، وبساتين، وصارت قيمتها مرتفعة نتيجة عمل واجتهاد إخوتها الرّجال فيها.
السّؤال: هل قيمة حق المرأة من الأرض تكون ما كانت عليه قبل سبعة وعشرين عاما؟ أم تكون القيمة ما هي عليه اليوم؟
مع العلم أن الإخوة الرّجال تقاسموا الأرض منذ سبعة وعشرين عاما، وكلّ يملك قسمه من الأرض، ومسجلّ بصفة قانونية.
ومع العلم أنّ النّساء في البلدة كنّ يتنازلن عن حقّهن في الميراث لإخوتهن كعادة معمول بها في البلدة.
الرّجاء التفصيل، وجازاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فللمرأة الحق في المطالبة بنصيبها في الأرض وغيرها، ولو بعد مائة عام، ما دام أنها لم تتنازل عن نصيبها تنازلا معتبرا شرعا، وما يحصل في بعض المجتمعات من سكوت المرأة عن المطالبة بنصيبها؛ -خوفا من تأنيب المجتمع لها إن هي طالبت به- هذا لا يعتبر تنازلا شرعيا؛ كما بيناه في الفتوى: 97300، والفتوى: 101952.

وإن مما يحزن القلب أن بعض مجتمعات المسلمين لا يعطون الأنثى نصيبها من الميراث، ويستحوذ عليه إخوانها الذكور، ثم بعد طول المدة يطالب أولاد البنات بنصيب أمهاتهن من الميراث، وعندها تنشأ العداوات بينهم وبين أخوالهم الذكور الذين أكلوا نصيب البنات بالباطل، وقد بينا في فتاوى سابقة أن حرمان الأنثى من الميراث إنما هو عادة من عادات أهل الجاهلية الذين كانوا يورثون الذكور دون الإناث، حتى نزل قول الله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا {سورة النساء:7}.

والخلاصة أنه يحق للبنت أن تطالب بنصيبها الشرعي من الميراث في الأرض، وفي كل ما خلفه أبوها المتوفى، ولو بعد حين، ومن الخطأ أن يقال إن نصيبها يقوم بقيمة الأرض قبل سبعة وعشرين عاما، بل بالوقت الحال حسبما يقرره أهل الخبرة؛ لأن نصيبها من الأرض لا يزال ملكا لها، فإذا أرادت أن تبيع نصيبها باعته بالثمن الذي تريده، وكون الإخوة استثمروا الأرض، أو عملوا فيها، ونحو ذلك. هذا يُنظر فيه: هل كانوا غاصبين لنصيبها؟ أم أنهم عملوا واستثمروا برضاها؟

وللفصل في هذا يرجع إلى المحكمة الشرعية إن كانت، والمهم أن يُعلم أن حقها في الإرث لا يسقط بالتقادم، وأنها لا زالت تملك نصيبها في تلك الأرض، فلا يقوم لها بثمن قديم لا ترضاه، بل ولا تجبر على بيعه أصلا، إن كانت الأرض قابلة للقسمة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني