الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في ما ينبني على الخلوة الصحيحة من أحكام

السؤال

تم عقد قراني وتمت خلوه شرعيه بيني وبين زوجي بأن أقمنا في شقه لمدة ثلاثه وعشرين يوما ، ولكنه لم يدخل بي دخولاً حقيقياً أى لم يتم إيلاج أو فض غشاء البكاره و لظروف خلاف شديد بينه و بين أهلي تم طلاقنا على يد مأذون بوثيقة طلاق أبرأته فيها وذكر فيها أنه لم يدخل بي ولم يختل بي وأنه يلزم لكي يتزوجني ثانيةً من عقد ومهر جديدين .وبسؤال أحد المشايخ أخذ بالرأي الذي يقرر أن الخلوة الشرعية هي في حكم الدخول وعلى ذلك قام زوجي بردي دون عقد ومهر جديدين .وعلى ذلك دخل بي دخولاً حقيقياً بإيلاج وفض عشاء البكاره .وبعد ذلك حلف علي يمينين طلاق كل على حدة و كان يقصد الطلاق في الحالتين أي يكون بذلك قد وقع الطلاق ثلاث مرات المرة الأولى أمام المأذون والمرتين الأخيرتين .والسؤال هنا هل نأخذ بالرأي الذي يقول إن الطلاق الأول بائن بينونه صغرى لأن الدخول لم يكن حقيقياً وإنما خلوة شرعية فقط ويلزم عقد ومهر جديدين وعلى ذلك أكون عندما أوقع علي اليمينين الأخيرين لست زوجته ولست محلاً لإيقاع الطلاق ونقوم بعقد قران جديد ؟أم نأخذ بالرأى الذي يعتد بالخلوة الشرعية و يعتبرها دخولاً حكمياً وعلى ذلك يقع اليمينان الأخيران وأبين منه بينونه كبرى لآ يحل لي إلا بمحلل ؟أفتوني يرحمكم الله

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الخلوة الصحيحة تقوم مقام الدخول فيتقدر بها المهر والعدة، كما هو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، جاء في مواهب الجليل من كتب المالكية: تعتد امرأة بخلوة بالغ أي بسبب خلوة بالغ، وهي (أي الخلوة) إرخاء الستور فلو لم يكن خلوة لا عدة. انتهى.

وفي شرح حدود ابن عرفة من كتبهم (باب فيما تجب فيه العدة) قال: لخلوتهما ولو بزيارة تحتمل والوطء.

وجاء في الفتاوى الهندية وهي حنفية: ولو خلا بامرأته خلوة صحيحة ثم طلقها صريحاً وقال لم أجامعها فصدقته أو كذبته وجبت عليه العدة.

وفي المبسوط من كتبهم: الخلوة بين الزوجين البالغين المسلمين وراء ستر أو باب مغلق يوجب المهر والعدة عندنا. انتهى.

وجاء في التاج والإكليل: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ : إذَا تَصَادَقَ الزَّوْجَانِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَوْ الصَّحِيحِ عَلَى نَفْيِ الْمَسِيسِ لَمْ تَسْقُطْ الْعِدَّةُ بِذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلَدٌ لَثَبَتَ نَسَبُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ فَلَا يَكُونُ لَهَا صَدَاقٌ وَلَا نِصْفُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْلُبْهُ وَتُعَاضُ مِنْ تَلَذُّذِهِ بِهَا إنْ كَانَ تَلَذَّذَ مِنْهَا بِشَيْءٍ . وَقِيلَ : لَا تُعَاضُ .

وفي الإنصاف من كتب الحنابلة: الخلوة تقوم مقام الدخول في أربعة أشياء، وذكر منها تكميل الصداق وجوب العدة.... إلخ.

وحكى الطحاوي في مشكل الآثار إجماع الصحابة أن من أغلق باباً وأرخى ستراً فلها الصداق وعليها العدة، وقال ابن قدامة في الكافي: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق باباً أو أرخى ستراً فقد وجب المهر ووجبت العدة، وهذه قضايا اشتهرت فلم تنكر فكانت إجماعاً.

وعلى ما تقدم؛ فإن طلاق زوجك لك في المرة الأولى صحيح ومراجعته لك بدون صداق ولا عقد جديد صحيح، وطلاقك الثاني والثالث واقع وأنت بائنة منه بينونه كبرى لا يحل لك الرجوع إليه إلا بعد نكاح زوج ثان، ثم لتعلمي أن المقلد إذا سأل عالماً فأفتاه وعمل به لا يحل له التراجع عن هذه الفتوى بعد العمل؛ بل حكى الترمذي وابن الحاجب الاتفاق على ذلك، قال صاحب التقريب: لا يرجع المقلد فيما قلد المجتهد فيه أي عمل به اتفاقاً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني