الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تتوقف الملائكة عن الردّ على السابّ إذا قيل له: "الله يسامحك"؟

السؤال

إذا قال الشخص للذي يسبّه: "الله يسامحك"؛ فهل تتوقف الملائكة عن الرد على الذي يسب، أم يجب أن يظل ساكتًا حتى ترد عنه الملائكة.
عندما سأل الخليفة عمر أبا ذر والأعرابي: لماذا فعلتم هذا؟ قال أبو ذر: حتى لا يقال ضاعت المروءة بين الناس، فهل يضيع أجر عمله بهذا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلعل السائل يشير إلى الحديث الذي رواه أبو داود في سننه عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَعَ رَجُلٌ بِأَبِي بَكْرٍ، فَآذَاهُ، فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ آذَاهُ الثَّانِيَةَ، فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ آذَاهُ الثَّالِثَةَ، فَانْتَصَرَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ انْتَصَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوَجَدْتَ عَلَيَّ -يَا رَسُولَ اللَّهِ-؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَزَلَ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُكَذِّبُهُ بِمَا قَالَ لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَرْتَ، وَقَعَ الشَّيْطَانُ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ.

وهذا الحديث إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل، وحسنه بعض العلماء بشواهده.

والحديث ليس صريحًا في أن كل من وقع عليه السب وسكت، ذَبَّ عنه الملك، فقد يكون وقع ذلك لأبي بكر على وجه الخصوص كرامةً، ولم نجد من شراح الحديث من قال: إن هذا يحصل لكل أحد.

وقد يكون ذلك عامًّا لكل أحد. فالله تعالى أعلم.

والذي دل عليه الحديث أن الملك توقف عن الذَّبِّ عن الشخص الذي سُبَّ عندما انتصر لنفسه.

فإذا لم ينتصر لنفسه، لم يتوقف الملك.

ومن المعلوم أنه إذا قال الشخص الذي سُبَّ للساب: "سامحك الله"، فإنه لم ينتصر لنفسه، كما أن العلة التي دخل الشيطان من أجلها لا توجد في قول الشخص: "سامحك الله"، قال الخطابي في شرح الحديث: إنما وقع الشيطان حين انتصر أبو بكر؛ لأن انتصاره يغري صاحبه -سيما وقد بدا الشر منه بتكرير الإساءة- بالتزيد والتمادي؛ فيكون ذلك سببًا في تفاقم الخطب. اهــ.

ومن المعلوم أن قول الشخص الذي سُبَّ للساب: "سامحك الله" أدعى لأن يكفّ السابّ عن السبّ، وليس لإغرائه بالتمادي.

وأما القصة التي ذكرتها عن أبي ذر والأعرابي؛ فلا علم لنا بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني