الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في شركة لشحن البضائع أو في مستودع الملابس

السؤال

أنا أدرس في دولة غربية، وأحتاج للعمل بدوام جزئي من أجل المعيشة، فما حكم العمل في شركة لشحن البضائع؟ مع العلم أن البضائع تكون مغلفة، ولا نعرف ما بداخلها، وقد تكون بضائع محرمة -مثل الخمور، وما شابه-.
وما حكم العمل في محل لبيع الملابس في تلك الدول الغربية، والعمل في المستودع، وتوجد ملابس نسائية تستخدم للتبرج؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالعمل في شركة لشحن البضائع، لا حرج فيه من حيث الإجمال.

وكون تلك البضائع التي تشحن ربما يكون فيها الحرام، فهذا لا يؤثر في الحكم، ما دام المرء لا يعلم ذلك؛ لأنه لم يقصد الإعانة على الحرام، ولم يباشر ذلك.

وأما لو علم كون البضاعة التي يحملها فيها خمر، أو ما هو محرم؛ فليس له ذلك؛ لما ورد من لعن حامل الخمر ضمن من لعنوا فيها، وهكذا غيرها من المحرمات، فلا يجوز حملها إلى من يريد استعمالها؛ لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

كما أن العمل في مستودع الملابس المباحة، لا حرج فيه.

وكون بعض تلك الملابس قد يستخدمه المشتري استخدامًا محرمًا، فهذا لا يمنع العمل في ذلك المستودع، إن كان العامل لا صلة له بالبيع، وحتى لو كان يتولّى البيع، ولا يعلم غرض المشتري؛ لأنه حينئذ لم يباشر حرامًا، ولم يقصد الإعانة عليه.

وهذه المسألة برمتها تدخل ضمن موضوع الإعانة على الإثم.

فمنها: ما هو مباشر مقصود، كمن أعطى آخر خمرًا؛ بنية إعانته على شربها.

ومنها: إعانة مباشرة لكنها غير مقصودة؛ كبيع المحرمات التي ليس لها استعمال مباح؛ لكن البائع لم يقصد الإعانة على الحرام.

ومنها: إعانة مقصودة غير مباشرة، كمن أعطى آخر درهمًا ليشتري به خمرًا.

ومنها: إعانة غير مباشرة، ولا مقصودة، والمذكور في السؤال من شحن البضائع المغلفة أقرب إلى هذا القسم الأخير.

وموضوع ضابط الإعانة على الإثم، كان محل بحث طويل، ومناقشات بين أعضاء مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في دورته الخامسة التي انعقدت بالبحرين سنة 1428هـ.

وكان خلاصة قرارهم: تحريم الأنواع الثلاثة الأولى، وإباحة القسم الرابع، وهو ما ليس مباشرًا، ولا مقصودًا.

وللتفصيل في ذلك، انظر الفتوى: 419221.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني