الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نقض الوضوء بمسّ فرج الحيوان

السؤال

هل تنظيف مؤخرة القطة بعد قضاء حاجتها ينقض الوضوء؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان سبب السؤال هو ما قد يتعرض له من يباشر ذلك الفعل من ملامسة محل الخروج؛ فالجواب: أنه لا ينتقض الوضوء بمس فرج الحيوان، على الراجح من أقوال الفقهاء، وهو قول الجمهور، قال ابن قدامة في المغني: ولا يَنْتَقِضُ الوُضُوءُ ‌بمَسِّ ‌فرْجِ ‌بَهِيمةٍ.

وقال اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ: عليه الوُضُوءُ... وما قلناه قَوْلُ جُمْهُورِ العُلَماءِ، وهو أوْلَى؛ لأنَّ هذا ليس بمَنْصُوصٍ علَى النَّقْضِ به، ولا هو في مَعْنَى المَنْصُوصِ عليه، فلا وَجْهَ لِلْقَوْلِ به. اهــ.

وقال النووي في «المجموع شرح المهذب»: إذَا ‌مَسَّ ‌فَرْجَ ‌بَهِيمَةٍ، لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوؤهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُنْقَضُ ...

وَالصَّوَابُ عَدَمُ النَّقْضِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّقْضِ؛ حَتَّى تَثْبُتَ السُّنَّةُ بِهِ، وَلَمْ تَثْبُتْ، وَإِطْلَاقُ الْفَرْجِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعْتَادِ الْمَعْرُوفِ، وَهُوَ فَرْجُ الْآدَمِيِّ. اهــ.

وقال الماوردي الشافعي في «الحاوي الكبير»: مَسُّ فَرْجِ الْبَهِيمَةِ لا ينقض الوضوء، قال الشافعي -رضي الله عنه-: وَلَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ ‌مَسَّ ذَلِكَ مِنْ بهيمةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهَا، وَلَا تَعَبُّدَ، وكل ما خرج من دبرٍ أو قبلٍ -من دودٍ، أو دمٍ، أو مذيٍ، أو وديٍ، أو بللٍ، أو غيره-، فذلك كله يوجب الوضوء، كما وصفت.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي كُتُبِهِ كُلِّهَا أَنَّ ‌مَسَّ فَرْجِ الْبَهِيمَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: ‌مَسُّ فَرْجِ الْبَهِيمَةِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، كَمَسِّ فَرْجِ الْآدَمِيِّ ... وَقَالَ عَطَاءٌ: مَنْ ‌مَسَّ ‌فَرْجَ ‌بَهِيمَةٍ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ، انْتَقَضَ وُضُوؤهُ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ، لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوؤهُ، وَكِلَا الْمَذْهَبَيْنِ خَطَأٌ؛ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنَ التَّعْلِيلِ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: لَا حُرْمَةَ لَهَا، وَلَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا، يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَا حُرْمَةَ لَهَا فِي وُجُوبِ سَتْرِهِ، وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إِلَيْهِ، وَقَوْلِهِ: لَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهُ لَا يَنْقُضُ طُهْرًا، وَلَا يُوجِبُ وُضُوءًا. انتهى. وراجعي للفائدة الفتوى: 362671.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني