الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الأولى أداء الصلاة في أول وقتها أم تأخيرها لتُصلَّى جماعةً مع الأم؟

السؤال

أصلي أنا ووالدتي معًا في العادة، وهذا يتسبب في تأخيري الصلاة عن أول وقتها؛ بسبب مشاغل أمّي التي تمنعها من الصلاة أول وقتها؛ وقد أضطر لتأخيرها مدة تتراوح بين ساعة إلى ساعتين، أو أكثر أحيانًا، إلى أن تتمكّن من التفرغ، وغالبًا ما يكون ذلك بسبب أعمال لا يمكن تأجيلها، ولو صليت دون والدتي، فهذا يحزنها مني، فهل الأولى الصلاة أول وقتها، أم انتظار والدتي؛ حتى لو تسبب ذلك في تأخيرها كل هذه الفترة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان المقصود تأخير الصلاة عن أول وقتها، مع أدائها في وسطه أو آخره قبل أن يخرج وقتها، وذلك من أجل صلاتها جماعة مع الأم -إن كان هذا هو الذي يحصل-؛ فلا حرج في ذلك، بل هو أولى؛ طاعةً للأم، وتحصيلًا لفضل الجماعة. ولمعرفة ثواب جماعة النساء، راجعي الفتوى: 26491.

ولا إثم عليكِ في تأخير الصلاة بعد الأذان، إن كنت تصلينها قبل خروج وقتها، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ، حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى. أخرجه مسلم.

فالصلاة في جميع أجزاء الوقت جائزة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن جبريل صلّى به يومًا في أول الوقت، ثم صلًى به يومًا آخر في آخر الوقت، ثم قال له: وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ. رواه أبو داود، والترمذي، وغيرهما.

ولا يجب فعلها في أول الوقت، بل يستحب فقط -إن لم تدع مصلحة إلى تأخيرها عن أوله، كما في هذه المسألة-، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده، وتوسعته عليهم في وقت عبادتهم. وقد سبق لنا عدة فتاوى في بيان جواز تأخير الصلاة إلى آخر وقتها المختار، ومنها هذه الفتوى: 164327.

وأما لو كانت الأمّ تؤخّر الصلاة حتى يخرج وقتها المحدد لها شرعًا، فذلك لا يجوز لها، وليس لك تأخير الصلاة عن وقتها؛ انتظارًا للأمّ. فبَيِّني لها حرمة ذلك بلطف وحكمة، وأن الصلاة يجب أن تؤدى في وقتها المحدد لها شرعًا، وإلا كان المرء مفرّطًا مضيعًا لها، قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103}، أي: مفروضة في أوقات معينة، لا يجوز إخراجها عنها، فمن أخرجها عن الوقت بغير عذرٍ شرعيٍ، كان مضيعًا لها، ومتوعَدا بِالغَيِّ الوارد في قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، وراجعي التفصيل في الفتويين التاليتين: 185197، 309007.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني