الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تدريس مادة المحاسبة مع بيان حرمة الربا

السؤال

أنوي أن أدرّس مادة المحاسبة، وقد اطّلعت على فتواكم السابقة المتعلقة بحكم تدريس مادة المحاسبة وما فيها من شرح للفوائد البنكية، مع التوضيح للتلاميذ أن هذا مخالف للشرع، وأن هذا يبقى مباحًا طالما كان الهدف منه أن نبيّن للطلبة سبل المجرمين؛ لبيانها لمن يحتاج إلى البيان، فهل يجوز هذا كله؟ مع العلم أنني أشتغل في ثانوية تأهيلية، هدفها إعداد وتأهيل الطلبة لسوق العمل، وهؤلاء الطلبة سيتّجهون للعمل في مؤسسات ربوية، أو للتعامل معها -بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إلا من رحم ربي-، فهل ما أقوم به في هذا العمل حلال أم حرام؟ فعندما أفكّر جيدًا في الأمر، وأنظر إليه نظرة شمولية، أرى أني أشجّع على العمل بالربا، رغم أنني أبيّن أن هذا حرام في ديننا؛ لأن هدف المؤسسة ككل والتي أعمل فيها يندرج في هذا النظام الذي يعمل بالربا، وما أقوم به هو نوع من تبرئة الذمة فقط -إن صحّ القول-، وليس أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، كما أمرني الله سبحانه وتعالى، فهل عملي حلال أم حرام؛ رغم ما أقوم به من تبيان لطبيعة هذه الفوائد البنكية؟ وهل تدريس الاقتصاد العام -علمًا أنه ينطوي على ذكر المؤسسات الربوية بصفتها جزءًا من اقتصاد الدولة، وليس فيه تدريس للفوائد الربوية مثل المحاسبة- حلال أم حرام؟ أفتوني -جزاكم الله خيرًا-

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا بيّنت للطلاب حرمة الربا وخطره، ومنع العمل فيه؛ فلا حرج عليك في تدريس تلك المادة، ولو لم تدرسها لربّما درسها من لا يبيّن للطلاب حرمة الربا، وسوء عاقبته على الفرد والمجتمع.

وعلى من درس تلك المادة، وذلك التخصص أن يستفيد منه فيما يفيد، وأن يبتعد عن العمل المحرم، ولو خالف فيما هو محرم، فوِزره عليه لا عليك، فقد فعلت ما تستطيع فعله من النصح والبيان. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105}، وقال: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني